تتقدم التكنولوجيا وتزيد تلك القضايا الاجتماعية التي يكون فيها المتهم الوحيد حد السلاح الذي لم تحسن باستخدامه والاستفادة منه في تسهيل أسلوب الحياة وتطويره لصالحنا.
كثير من الاختلافات في وجهات النظر, وكثير من الخلافات الأسرية والعاطفية, وما هو أكثر من الأفكار الشاردة والواردة المختلفة, تماماً عن أفكارنا وقناعتنا ومبادئنا.. كلها يتم نشرها والالتفاف حولها ومناقشتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي, لكنها تبقى مواد عقيمة, لسبب واحد أنها ليست من الدين في شيء, بل أن بعضها يزعزع العقيدة ويهدد أركان الإيمان لدى المسلم الحق. المسلم الذي ينبغي أن لا يخوض فيها يخوض فيه الناس من أصحاب الذمم الواسعة والاعتقادات الضيقة.
الـ "واتس" واحدة من وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي التي انتشرت بشكل واسع خلال الفترة الأخيرة بعد انتشار الأجهزة الحديثة الحاملة لهذه الخدمة.
وبقدر الفائدة التي يدعي البعض أنه يحصل عليها من هذه الخدمة يكون الضرر الذي يعاني منه آخرون, خاصة من الشباب والمراهقين وصغار السن الذين أصبحوا يرون في الواتس ما لم تراه أعينهم من قبل. الجميع يتعامل مع هذه الخدمة بقدر كبير من التبجيل, وهؤلاء تنظر إليهم بعين الرحمة, نعم, فهم لم يجربوا أن يستخدموا الدعاء كوسيلة من وسائل الاتصال.
ربما تعجب البعض من هذا, لكن إذا عدنا للسيرة النبوية المطهرة وتأملنا حديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يسأل الله أن يرزقه خصف نعله لوجدنا أن الدعاء يمكن أن يكون وسيلة تواصل فعالة جداً لقضاء الحاجات وأداء الواجبات وإنجاز المهام.
إذ كيف كان يتواصل مجتمع الأمس؟! كان الوفاء بالوعد, والصدق والأمانة وحسن الثقة بالله؛ وسائل تواصل يحصل من خلالها تحقيق الفائدة والمنفعة بين الناس. وكان ذلك المجتمع أكثر قوة وتماسكاً وثقافة وعلماً من مجتمع اليوم ذي الشفافية السطحية والعلاقات المفككة.
فما هي الجدوى من وسيلة تواصل لم تُعلِّم الناس إلا العزلة ولم تورثهم إلا انعدام الحياء وعدم الخوف من ذنوب الخلوات؟!.. إنها مجرد أسلحة فتاكة زُرعت في جسد الأمة الإسلامية لينشغل أبناؤنا عن وظائف سامية ومهام جسيمة تحفظ الدين والعقيدة من تجارة الفساد التي يمارسها أعداء الدين.
يُطأطئ معاشر الشباب رؤوسهم على تلك المواقع التي تفرزها برامج وخدمات التكنولوجيا الحديثة وكأنهم ينظرون إلى قبورهم يوم لا ونيس فيها إلا العمل الصالح, بينما يُطأطئ شباب الغرب رؤوسهم في طلب العلم والمعرفة وخدمة الوطن والارتقاء بحال المجتمعات وتطوير الأبحاث العلمية على اختلافها وتشعب مواضيعها.
أصبحت بعض خدمات التواصل مثل سلوك يومي أو عادة دائمة لدرجة أن يلقي أحدهم السلام على أخوته ووالديه في نفس المنزل عن طريق هذه الخدمة.. أين هي المشاعر الحقيقية الناتجة عن خيرٍ وبر؟!..
ألطاف الأهدل
وعليكم الواتس ورحمة الله وبركاته! 1251