في حديثه إلى بعض الوجاهات القبلية الأحد الماضي تطرق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه مشروع إعادة بناء اليمن على أسس جديدة وكذا القوى صاحبة المصلحة في إحباط هذا المشروع والتي رأى أنها من تتكالب على إفشاله عن طريق إشعال الحروب في الشمال والجنوب وضرب مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وزرع الأشواك أمام تنفيذ ما جرى التوافق عليه بين القوى السياسية والحزبية والقبلية بشأن قضايا اليمن الأساسية.
ومثل هذا الحديث الصريح لا بد وانه يعيد طرح نفس السؤال الذي طالما وجهه اليمنيون عن أسباب سكوت الدول الراعية للتسوية السياسية في بلادهم وتغاضيها عن كل ما يدور على أرض اليمن من حروب وعنف ومواجهات على الرغم من أن هذه الدول التي سبق لها وان التزمت من أنها لن تسمح بانهيار الأوضاع في هذا البلد وتحوله إلى دولة فاشلة وانها التي ستقف إلى جانب اليمن حتى يستعيد عافيته ويتجاوز أزماته ويبدأ مسيرة الرخاء والاستقرار في اطار دولة مدنية حديثة يتعايش في ظلها الجميع.
اذاً فإن ما يلفت النظر حقاً هو غموض مواقف هذه الدول التي تتصدرها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين تجاه الانفلات الحاصل في اليمن مع أنها الحاضرة في العمق اليمني بمخابراتها وأدواتها ولا تخفى عليها الجهات التي تقوم بخلط الأوراق في هذا البلد وعلى النحو الذي يحدث اليوم.
من غير المعقول أن تقف هذه الدول موقف المتفرج أمام بشاعة الحرب التي يخوضها عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي ضد مؤسسات الدولة اليمنية والتي لازالت من الهشاشة والوهن والضعف بما لا تستطيع معه الدفاع عن نفسها وحسم المواجهة مع عناصر الإرهاب التي تدفقت على اليمن من مختلف الأصقاع بهدف إسقاطه وجعله منطلقاً للسيطرة على المنطقة ككل وتلك حقيقة لا نعتقد أن أحداً يجهلها حتى يمكن له تبرير تخاذل الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن حيال تحركات تنظيم القاعدة الذي يكشر عن أنيابه في حضرموت وأبين ومأرب ورداع ولحج وعدن ومناطق كنا نظن أنها بمنأى عنه إلى أن اكتشفنا انه من صار يعشعش في كل قرية ومدينة وسهل وجبل متدثراً بأحقاده وعدوانيته وأفكاره الضالة والمضلة والمنحرفة.
وبالقدر الذي يراهن فيه الرئيس هادي في هذه اللحظة على دعم وإسناد المجتمع الإقليمي والدولي لليمن وانه الذي لن يخذله حتى يصل إلى بر الأمان, فإن الواجب أن ينظر إلى استقرار اليمن من كونه ضرورة له ولغيره في هذه المنطقة المهمة والاستراتيجية وانطلاقاً من هذه الحقيقة فإن مصلحة الجميع تقتضي أن لا يترك اليمن تتجاذبه بعض الأهواء والنزعات المغامرة والتي تظهر اليوم بجلاء من خلال حروب تنظيم القاعدة وتجاوزات المليشيات المسلحة التي تأمل في الإبقاء على الأوضاع على ما هي عليه عبر عرقلة مسار العملية السياسية وديمومتها وتطورها وذلك ما ينبغي أن يكون في حسبان الدول الراعية للتسوية في هذا البلد اذا ما أُريد فعلاً لليمن أن يجتاز محنته خصوصاً وان مصيره لم يعد يصنعه اليمنيون فقط في ظل تداخل الإرادات الخارجية فيه واحتماء بعض أطرافه السياسية بتلك الإرادات.
الرياض السعودية
علي ناجي الرعوي
اليمن فوضى..وغموض في المواقف!! 1646