يكاد يكون للمواجهة مع الحوثي طابع السحب والطرق لا العكس، حيث سينتهي السحب إلى صنعاء والطرق في صعدة، وها هو الحوثي بالفعل يُسحب إلى صنعاء بإرادة ربانية لا بإرادة بشرية محسوبة النتائج، فبعد سقوط عمران في يده والتي كنا نُعَوِل أنها ستكون مقبرته، أراد الله إلا أن تسقط عمران كما سقطت صعدة، لحِكم ربانية جلية وخفية، من أهمها: أن الله أراد أن يكشف الكثير من الوجوه ويسقط عنها أقنعتها الثورية والحداثية والوطنية التي لطالما تقنعت بها، (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا) ليبدو أصحابها أمام الشعب كالشيطان يوم النحر في مِنى، فسُنة الله في أهل الباطل أنه يدعهم ينتفشون لينظر فيمن يفتتن بهم مصداقا لقوله: " لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ".
وها هو الحوثي اليوم في صنعاء يكشر عن أنيابه ويعلن مستكبرا خياراته المفتوحة لإسقاط الدولة لا الحكومة كما يزعم، وقد بدأ بالفعل العمل على ترجمة خياره المسلح لإسقاط الدولة، بحشد قوته على مداخل صنعاء، للاعتصام والتجهز للمواجهة المسلحة بحفره الخنادق، ونقله للعتاد العسكري اللازم للمواجهة، فيبدو أنه ومن خلال تحركاته على الأرض يريد التحرك لإسقاط صنعاء من جنوبها حيث يغريه شيطانه أنه سيسهل عليه بتحركه هذا الانقضاض على ألوية الاحتياط والاستيلاء على عتادها ومن ثم التحرك باتجاه دار الرئاسة لإسقاطه حيث سيمثل سقوطه سقوطا للنظام بأسره، ولعل أهم معطيات الحوثي التي تدفعه للتحرك من جنوب صنعاء زعمه بوجود عدد كبير من أنصاره من ضباط وصف وجنود داخل ألوية الحماية الرئاسية إضافة إلى تعويله على الإسناد القبلي الذي يتوهم أنه سيأتيه من خولان وسنحان، مع أخذه في الاعتبار أنه حينما يستفرد بألوية الاحتياط لن تقف معها باقي وحدات الجيش داخل الأمانة بسبب الانقسام الذي حصل عام 2011م والذي لم تنتهي آثاره بعد، سيأتي تحرك الحوثي في جبهته الجنوبية مصحوبا بتحرك مماثل له في جهة صنعاء الغربية من اتجاه بني مطر بغية السيطرة على القوات الخاصة، ليسهل عليه السيطرة على أي تحرك للطيران الحربي، وعلى أي تحرك أو إسناد حربي من قيادة المنطقة السادسة ـ الفرقة الأولى سابقا ـ، وبغية تأمين خط إمداده الواصل من صعدة إلى صنعاء، لكن وبرغم مخطط الحوثي الذي استهوى بعض الجهلة من الذين استطاع الحوثي أن يدق لهم على أوتار معاناتهم فانضووا تحت لوائه إلا أن مؤشرات انكسار الحوثي وسقوطه في صنعاء تبدوا كبيرة، ولعل من أهم هذه المؤشرات، موقف الدول العشر الداعمة للمبادرة الخليجية والتي بدا موقفها هذه المرة حيال ممارسات جماعة الحوثي قوياً، فهذه الدول وإن كانت ترغب بضرب القوى الإسلامية بالحوثيين إلا أنها لا ترغب في وصول الحوثيين إلى السلطة بالانقلاب على مخرجات الحوار، هذا بالإضافة إلى نجاح جهود الرئيس الرامية إلى تحقيق توافق وتصالح بين القوى السياسية المتصارعة والتي بات خطر جماعة الحوثي يوحد مصيرها داخل صنعاء خاصة وعلى الساحة الوطنية بشكل عام، وبات الموقف يقتضي توحيدا للمواقف وتنسيقا للجهود في مواجهة الخطر الداهم، وعلى إثر توحيد مواقف تلك القوى بالتأكيد سيتآكل محيط الحوثي في صنعاء، فلن تتحرك القبيلة بالطريقة التي كان معول عليها كما لن يسنده الجيش الذي حُسب ولاؤه للنظام السابق بالصورة التي كان قد بنى عليها الحوثي خططه، أضف إلى هذه المؤشرات مؤشر مهم وهو الاصطفاف الشعبي الذي بدأ يتكون جراء لقاء الرئيس الأخير بالقيادات الحكومية والشعبية وعلى إثره تمخضت رؤىً تم التوافق عليها أهمها إدانة استيلاء الحوثي للمدن بالقوة، وتشكيل لجنة للجلوس مع زعيم جماعة الحوثي لمحاورته ليعدل عن توجهه المسلح الهادف إلى مواجهة الدولة، لكن من المعلوم أن الحوثي ووفقا للمؤشرات الأولية سيبدو متعنتا ومتمسكا بخياراته تلك ما دام وقد قدم نفسه على أنه الممثل للشعب كل الشعب، علاوة على كونه وقد تلذذ بسفك الدماء لا يمكنه أن يقبل بأي منطق عقلاني يخالف منطقه الدموي، وهو الأمر الذي سيكشف نواياه الخبيثة للقاصي والداني ممن اغتروا به وبدعواته المريبة التي استغل لها بسطاء الناس، فيتحقق على إثر ذلك اصطفاف شعبي مساندٌ للجيش وقيادته في مواجهة هذا المارق اللئيم الذي ستكون مواجهته هذه المرة منهيةً لوجوده إلى الأبد بإذن الله.
نجيب أحمد المظفر
لهذه الاعتبارات سينكسر الحوثي في صنعاء!! 2200