أين أهل النخوة وأصحاب الحمية وأرباب الشهامة مما يحدث كل يوم في هذا الوطن؟!! أين الذين تساوت هيبتهم في أوساطهم الاجتماعية مع هيبة الدولة بعدتها وعتادها؟! أين الذين إذا قالوا فعلوا وإذا وعدوا وفوا وإذا عاهدوا صدقوا؟! أين الذين نصروا هذا الوطن بالأمس وساقوا أعداءه نحو الهاوية سوقاً؟! هل انعدمت المروءة أم ضمرت أرحام النساء عن إنجاب الأشاوس أم أن هذا الشعب بأكمله يقع فريسة في شركٍ كبير نصبهُ كبار المستثمرين السياسيين بمعية ولاة أمرٍ متخاذلين؟!..
نأسف أن نفقد الثقة فيمن كانوا يوماً أهلاً لها، ونتساءل عن مصير وطن كانت القبيلة فيه رمزاً من رموز السلطة المعتدلة وجزءاً لا يتجزأ من سياستها، وإذا كانت الأوضاع السياسية التي يعيشها الوطن قد منعت وأعطت مالا يُمنع أو يعطى، فهل تكون القبيلة رديفاً لظل الدولة الغائبة؟!.
إن هذا الوطن العظيم بمن فيه من الشرفاء والمخلصين قد تخطى بالأمس أزمات كثيرة بمعية الرجال الصادقين والمؤمنين بعظمة المواقف التاريخية التي لا تندثر، ولعله اليوم أحوج ما يكون إلى تلك الهبّة الإنسانية البطولية ممن تبقى من أهل الفزعات. فهل نجد في هؤلاء قلوباً تمتلئ بحب الوطن وتفيض بالإخلاص له؟, أم أن عباءة المصلحة الخاصة أصبحت فضفاضة لدرجة أنها تتسع للجميع؟!..
ما من شك في أن ما خُفي من أسرار السياسة في اليمن وغير اليمن هو أعظم مما يظهر منها، لكن رحمة الله تبقى أعظم مما يمكر هؤلاء وأوسع مما تحيك أيديهم وتخطط عقولهم، وما دام فينا الكثير من الضعفاء والمستعصمين بربهم, فلن يضرنا كيدهم شيئاً- بإذن الله- سوى أن الواجب وأمانة إيصال الرسالة وسهم الحق من قسمة العدل.. كل هذا يفرض على من يملك تغيير مسار التاريخ أن يفعل ولو كلفهُ الأمر أن يجعل من دمه غذاءً لمحبرة لا تتوقف عن إغراق صفحات الحاضر بأحداث وتفاصيل لا يعلمها ولا يقرأها إلا من يبحث عن الحقيقة فقط، وقليل هم أولئك.
فأين هم اليوم رجال هذا الوطن الذي عُرف بوطن الرجال؟, أين هم أهل النخوة الذين تشربت أرضهم قبل اليوم بأمطار مواقفهم الصادقة حتى اشرأبت بهم أعناق الناس وانتشت بإخلاصهم لوطنهم نفوسهم؟!.
هل عجز هؤلاء عن سماع أصوات الحرائر والأطفال في أنحاء الوطن يصرخون: وا يَمَناهُ، وا نخوتاه؟!..
ألطاف الأهدل
أين أنتم يا رجال اليمن؟! 1682