ما أحسن الموعد حين كان في المسجد.. رأينا ورأيتم من لازم المسجد فجراً وعشاًء حراً وبرداً خريفاً وشتاًء.. في شغله وفراغه في فرحه وترحه في نشاطه وفتوره.
فأرسل الله إليه رسوله الموكل برده إليه فكان الموعد - في روضة المسجد.
فما أسعد الزمان - وما أحب المكان وما أجمل الموقف- وما أحسن اللقاء.
والنبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن الله إذا أراد أن يقبض عبداً في أرض هيأ له إليها حاجة فما أجلَّها من حاجة وما أعظمها من عادة!!.
لوالدنا الحبيب إلى قلوبنا:
عند كانت الحاجة هي العبادة والعادة هي الصلاة ونعمة العادة والجزاء من جنس العمل والمرء موكل بمنطقه.. فقد كان نطقه الدائم وكلامه وديدنه ولهجه" يا لطيف أسألك اللُطف".. حتى صارت هذه الكلمة كوسام يُعرف بها.
فلا تسمعه عند خروجه من المسجد لا يردد إلا يا لطيف أسالك اللطف وكذلك عند ذهابه إلى أرضه أو كان يمشي في طريقه.
فلطف الله به لطف ما سمعت البلاد بمثله أن قبضه الله في بيت من بيوته.
فسبحان الله الرحيم وسبحان الله اللطيف وسبحان ذا الرحمة الواسعة والحكمة البالغة
فإنه تعالى لا يختم لعبده إلا بما غلب عليه من عمل في حياته.
يذكر الإمام السعدي أنه من أدمن على الصلاة في المسجد إلا قبضه الله في المسجد أو هو يريد الوصول إلى المسجد
لهذا يلهم المؤمن الشهادات عند الموت ويذكر كذاك أنه من شب على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه ومن مات على شيء بُعث عليه.
وقد شاهدنا في هذه الأحداث من دُفن وهو حي يردد لا إله إلا الله.
لنعلم أنه لا يوافق لنطق الشهادة إلا من كان صادقاً في عمله وإلا فكما قال الله" وَحِيلَ بينهُم وبين ما يشتهون كما فُعل بأَشياعِهِم من قبل"- سبأ.
وقد كنا عادةً نستيقظ في الثلث الأخير من الليل في فصل الخريف وذلك لحصد الثمرة " الخبيط" وكذلك نستيقظ عند عودة أحد المسافرين ويعلم الله كم كان يلفت النظر رؤيته المسجد وكم كان "يشنف" السمع تلك التسبيحات الصادقات.
" إِليهِ يصعدُ الكَلِمُ الطّيّبُ وَالعملُ الصّالحُ يرفعُهُ"- فاطر." الذين تتوفّاهُمُ الملائِكةُ طيبينَ يقولون سلامٌ عليكمُ ادخلوا الجنة بما كُنتم تعلمون"- النحل.
وقد يندر ذلك في البلد, فرحمة الله على ذاك الجسد.
أتدري كيف يُسهل عليهم ذهابهم 5 مرات في اليوم والليلة إلى المسجد؟, الجواب:
" كل امرئ ميسر لما خلق له" صحيح. "وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون"- البقرة.
هي وربي روضة المسجد إنها إرادة الإيمان، وقوة اليقين، وسلطان التوحيد.
" رجالٌ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكرِ الله وإقَامِ الصلاةِ"-النور.
وبهذا كانوا سعداء لم يفكر أحدهم في الانتحار مهما بلغ بهم الجهد.
محمد العياشي
الوعي الإسلامي.. 1594