لم أجد تفسيراً لهذه المعمعة والارتباك في إدارة الدولة للأزمة الناجمة عن التصعيد الحوثي الأخير ، سوى أن هذا التردد يعد استكمالاً للمسار المتخبط الذي اتبعه الرئيس "صالح" أثناء حروبه العبثية السته التي خاضها مع الحوثيين، غير أن صالح كانت الحركة في عهده في حالة "مد وجزر" أما هادي فاتخذت الحركة الحوثية في عهده مساراً تصاعدياً واقتطعت جزءاً كبيراً من البلد, وقويت شوكتها إلى درجة باتت معها تهدد بإسقاط العاصمة ـ وإنْ كانت غير قادرة على ذلك ـ صالح كان لا يرسل لجاناً للتفاوض إلا بعد أن يشن حملة عسكرية توجع الحوثي وبعدها يفاوضه, أما هادي فيرسل اللجنة بعد كل انتصار للحوثي لكي يثبت هذا الانتصار. صحيح أن صالح كان يبتز الخارج ويسعي لضرب خصومه وتصفيه حساباته السياسية الداخلية عبر الحرب، إلا أنه لم يكن يتهاون مع أي تحرك للحوثي وظلت الجماعة في موقع الدفاع عن نفسها, ويبدو أن الـ 7سنوات من الحرب مع الحوثي ـ في عهد صالح ـ كانت موسماً للزراعة ،وما أن جاءت الثورة وصعد هادي للسلطة بدأ موسم الحصاد لتحقق كل هذه الانتصارات ،وبسلاح الدولة نفسها ،وموقف الرئيس كما لو أنه "فاعل خير" يسعى لوقف الحرب بين طرفين ليس هو احدهما. المساومة والمداراة المتوشحة بثوب الحكمة لم تنتج سوى حركه متغطرسة تحت سطوه الانتفاخ الأجوف والانتصارات الوهمية، التي ترى أنها حققتها.
وضع الحوثي اليوم هو نتاج السياسة الخاطئة التي انتهجها الرئيس مع التوسع العسكري الحوثي يوم بعد آخر, وبعد هذا كله ،لم يعد الشعب يحتمل المزيد من التضليل والخداع والضبابية التي تكتنف الوضع ،جعلت الجميع في حيرة من أمرهم ،المثقف فيهم ،لا يستطيع أن يبوح بشيء سوى أن الجميع خذل الشعب، الحكومة العاجزة لم تقدم للشعب شيئاً ،والرئيس هو الآخر زاد المواطن "جرعه " نساها سلفه, ورأى انه لابد منها خوفاً من أن يصاب المواطن بالمرض" كما لو أنها جرعة دوائية لابد أن تكتمل".
موقف الحوثي ومتاجرته بمعاناة الناس ليس أمراً غريباً، ولا يستطيع المواطن أن يعمل شيئاً سوى ذر التراب على من يحاول استغلال جرح الشعب ولعقه، تحت لافتات لم تعد تنطلي على "شعب الثورة" وجيلها الفتي, أما موقف الشعب من الرئيس هادي فيجب أن يكون مقتبساً من موقف "أبو الأحرار" الزبيري عندما قال للإمام احمد :"لن ينجيك غضبة الشعب إلا الشعب" فخامه الرئيس :عليك أن تصارحنا بما يدور في كواليس القاعات المغلقة ،تحدث لنا عن وضع الدولة ،عن جيشنا هل هو قادر أن يحمينا؟ عليك أن تكشف لنا اليوم قبل غد ماذا أنت فاعل إزاء هذا التعنت الحوثي؟ طمِّنا ماهي خياراتك في التعامل مع من يريد أن يقفز فوق إرادة الشعب؟ قُل لنا: هل يستطيع الحوثي أن يسقط العاصمة؟ وماهي حقيقة قوته العسكرية؟ ومن يقف معه ؟ وهل تثق بوقوف السعودية معك ؟ ألن تخذلك وتدعم الإماميين كما دعمتهم في حصار السبعين؟.
سيدي الرئيس: هل أنت قلق كما المواطن؟. فخامه الرئيس: احترم عقول الناس لا تستغفلهم عليك أن تدرك أن خسارتك للشعب يعني انتهاء دورك وإحراقك ورميك إلى مزبلة التاريخ، لن يطبل لك شعبٌ خذلته وضللته ، عليك أن تتقرب لهذا المواطن البسيط ؛ليكون لك سنداً عندما يخذلك الساسة اللذين لن يصمدوا معك ليوم واحد، فخامه الرئيس: لن ينجيك من غضب الشعب أحد سوى الشعب..
محمد المياحي
لن ينجيك من غضبه الشعب الأ الشعب 1809