السقوط الذي تشهده مراحلنا العمرية المختلفة قد لا يعود بالضرورة لخلل في التخطيط أو الإدارة أو تحديد الأهداف. لكنه يعبر بإلحاح عن حاجتنا للتوقف والنظر إلى الخلف قبل أن نكمل السير إلى وجهة لا نعرفها حتى لو بدت لنا بعض ملامحها بمنتهى الوضوح.
فالجزء لا يغني عن الكل والعكس من هذا صحيح أيضاً.
وحتى تستطيع الوقوف على قدميك من جديد بعد سقوط تفقد بعده بعض كبريائك أو سلطتك أو حتى مالك, يجب أن تعود بذاكرتك إلى الخلف قليلاً؛ إذ لا يحدث سقوط بدون وجود فخاخ أو إشراك يصنعها آخرون أو تصنعها أيدينا بكل أسف.
والمقصود أن الذي لا يجيد قراءة تاريخه لا يستطيع كتابة مستقبله.
وبشكل أكثر وضوحاً فإن الكثير منا لا يحاول أن يستفيد من تجارب كثيرة يمر بها كل يوم لكنه لا يجيد أرشفتها بشكل خبرات تؤهله لتجاوز سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها مستقبلاً.
اشتكى إليّ شاب في الثلاثين من عمره إخفاقه المتكرر في ممارسة التجارة وتعجبت من اعترافه هذا رغم معرفتي بأنه مُسوِّق جيد وناجح أيضاً, لكن يبدو أن الشاب لم يحاول الاستفادة من تجاربه والخروج منها بقيمة إنسانية ومهارية وعدم العودة لخوض مثيلاتها ولو اختلفت تفاصيلها بعض الشيء.
قف أمام إخفاقاتك بشجاعة وكأنك تقف أمام المرآة. دقق النظر فيها, تفحص نقاط القوة والضعف فيها, انتشل نقاط الضعف تلك واقذف بها إلى المحيط, وانسب لنفسك نجاحاً جديداً, فقد استطعت التعرف على الفرق بين الأصل والصورة!
تستطيع أن تفعل ذلك مجدداً في كل مرة تحتاج فيها لأن تقف أمام المرآة, لكن بدون أي أقنعة. إخفاقاتنا هي المعمل أو المختبر الذي يكشف نوع وخطورة وحجم الأمراض التي تعانيها إنجازاتنا.
وإذا تعطلت وظائف هذا المعمل سنعجز عن التداوي من أمراضنا تلك قبل استفحالها. لا بد أن نحقق, لكن لا بد أن نجعل من تلك الإخفاقات دروساً لتعليم قيادة الذات والبحث عن الوتد الذي ستغرسه بيدك حتى تنتصب في داخلك خيمة الإبداع والتميز.
جد لنفسك أرضيةً صلبةً يمكنك الوقوف عليها من جديد حين يصبح كل ما حولك قابلاً للحركة!.
ألطاف الأهدل
كيف تقف على قدميك من جديد؟ 1666