الحصار الذي تشهده العاصمة الشامخة صنعاء يذكرنا بحصار السبعين يوماً الذي فتح بعده اليمانيون باب المستقبل بأيديهم عهداً آخر من عمر الوطن تعود فيه إنسانية المواطن اليمني إلى مرماها بعد طول غياب, لكن حصار اليوم يأتي بعد انقسام والتفاف حول قضايا وطنية كثيرة ومحاولات عديدة لفرض سياسات تظهر التوافق وتخفي الانشقاق والفرقة.
فعلى أي شيء تستند وطنية الحوثيين وعن أي شيء تبحث عنه بيارقهم المتربصة على أطراف صنعاء وفي قلب ساحتها المكللة بذكريات شهداء الثورة؟!.
أين هو الوطن الذي ينشده قادة الحوثيون وقد ارتفعت بنادق وانتصبت خيام معسكرات؟! وهل يتبنى هؤلاء سياسة جديدة أم أنها امتداد لسياسة ستة حروب سابقة ما خلفت إلا الدمار والفقر والضياع..
إن الحوار الذي ضم تحت قبته أطيافاً من الأشقاء والفرقاء السياسيين وغير السياسيين لم يضع مخرجات خاصة بإفراغ الإرادة الشعبية وتعبئة الإرادات الفردية في قوالب المصلحة الخاصة. بل كانت مخرجاته واضحة وتصب في المصلحة العامة للوطن.
إلى جانب ذلك فإننا لم نسمع بنظام "الوكالة الوطنية" حتى يتحدث الحوثيون باسم الشعب دون أن يقرر الشعب ذلك, اللهم إلا إذا كان هؤلاء قد نصبوا أنفسهم أوصياء على شعب اليمن القاصر!.
نثق بأن قيادتنا السياسية وعقلاء اليمن الأشراف حتى من الحوثيين أنفسهم لن يقبلوا بأن تتم المتاجرة بإرادة الشعب وعلى حساب أمنه واستقراره وسيادته. كما نثق كل الثقة بوعي أبنائنا من شباب الوطن وبالخير الذي تحمله قلوبهم وأنهم ليسوا رهاناً للمساومة التي يفتعلها من يفترض بهم الحكمة والوعي والتعقل.
إن تلك اللهجة الحادة التي يظهرها الحوثيون في خطابهم السياسي لا تخدم الأهداف الوصفية التي تتبناها قاداتهم المتشبثة بالسلطة كغاية لا كوسيلة, وبالتالي فليس من المعقول أن يجد الحوثيون مهرباً إلى رأي عام مساند مثل الاختباء خلف جدران المطالب الشعبية التي يناشد بها الجميع, مع إيمان الجميع أيضاً بأن تلك المطالب الشعبية غالباً ما تكون هي المائدة التي يجتمع عليها كل أطياف السياسة في الوطن, لكنها أيضاً لا تسمن ولا تغني من جوع يعيشه الشعب وتخمة يحيها الساسة.
يبدو أن هذا الحصار التأديبي الذي جاء كمبادرة حوثية ركيكة للتعريف بالحوثية عن قرب يهدف لما هو أكبر من ذلك, لكنه سيعجز عنه أمام وعي الشعب وقدرته على تجاوز مثل هذه المبادرات..
ألطاف الأهدل
هل نحن على أبواب حصار سبعيني آخر؟! 1203