يحسب عمر الإنسان بقدر منجزاته وإضافته للحياة..
يعيش الكثيرون على هذه الأرض حياة لهو وعبث غير مدركين ما وراء قوله " صلى الله عليه وسلم: " لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه"..
حياة الجد هي الفارق الذي يميز الإنسان الفاعل عن غيره , والجدية سمة من سمات الشخصية الناجحة, وجدلية؛ هل هي سمة وراثية أم مكتسبة لا تنفي حقيقة قدرة الإنسان على اكتساب هذه السمة مثلها مثل سمات النجاح الأخرى, ولا أحد ينكر بأن للبيئة التي يحيا فيها الفرد دوراً ملموساً في تصعيد قدرته على اكتساب سمة الجدية.
المجتمع اليمني كان منذُ القدم مجتمعاً جاداً , وسمة الجدية أوجدتها صعوبات الحياة التي تواجه إنسان هذا الوطن , و فرضها تنوع البيئة وتعقدها وقلة الموارد الطبيعية السهلة التناول, حتى أن هذه التعقيدات جعلته يحمل التربة الخصبة من الوديان ليبني بها المدرجات المذهلة, وشيد السدود وحفر القنوات..
هذا هو إنسان اليمن الذي بنى حضاراتها القديمة, فماذا عن إنسانها في هذا الزمن ؟!.
يظن الكثير من شبابنا الصاعد بأن الجدية سمة قاسية تجعل الحياة رتيبة ومملة, وتحول دون تمتع الإنسان بملذات الحياة, وهذه فكرة لا تمت للحقيقة بصلة.. نعم يوجد أشخاص جادون, يعيشون بنظم صارمة تجعل حياة من حولهم غاية في الصعوبة؛ لكنهم ليسوا مقياساً دقيقاً يعول عليه في هذا الشأن, فثمة بشر لا يتمثلون الجدية المنتجة في حياتهم وبرغم ذلك نراهم يعيشون بعنت وصرامة وقسوة تجعل البعد عنهم غنيمة, وبالمقابل نرى أشخاصاً جادين يعدون مثلاً ينشد في العطاء والروعة والإدهاش, شعلة متوهجة من المرح واللطف.
وأقوى وأوضح نموذج لهذه الشخصيات الأستاذ المبدع " إبراهيم الفقي " رحمه الله رحمة واسعة.
يمكنك الحياة بجدية ومرح وسعة صدر في ذات الوقت , لا علاقة مطلقاً بين الجدية والرتابة والكآبة , بل على العكس من ذلك؛ فالجدية تجعلك شخصاً ديناميكياً متجدداً باحثاً عن التغيير متطلعاً للمعالي مثابراً في سبيل تحقيق الأهداف وتعددها؛ فمتعة الإنجاز لا مثيل لها وهي نهر عطاء عذب لا ينضب..
كما أنك تلحظ وبقوة أن الأشخاص الجادين الفاعلين يحظون بفرص نجاح متنوعة ويتمتعون بصحة أوفر ويبدون أصغر سناً من أقرانهم الذين يخلدون للكسل والتراخي ويحبذون المتع السهلة..
