هي جملة تدللني بها ابنتي الكبرى "15 عاماً" وبرغم التناقض في مفردتي الجملة إلا أنني أحبها جداً منها وأتعجب حين تحاول استمالتي إليها لتحقيق غاية معينة دون أن تستخدمها.. ولا أدري حقيقة من أين جاءت بهذه الجملة المركبة, لكنها من أحب الجمل إلى قلبي, فهي من ابتكار صغيرتي!
كأمهات وآباء نحن أسرى لمطالب الحياة بكل التزاماتها المادية والمعنوية, لدرجة أننا ننسى أحياناً كثيرة أولئك الصغار من حولنا وما تحتاج إليهم راغبين. ربما لهذا نجد الكثير من الآباء والأمهات يبثون شكوى الجفى وجفاف المشاعر بينهم وبين أبنائهم وبناتهم. فالدور الذي يلعبه الآباء والأمهات لا يتوقف على تحقيق الكفاية المادية أو التربية الأخلاقية, فالأمر بحاجة لوجود علاقة حب راقية تجمع بيننا وبينهم دون أن نطلب اليهم الوصول إلى مستوى تفكيرنا أو النزول إلى مستوى تفكيرهم. لأن ذلك الحب والود الذي اتحدت عنه يخلق منطقة تماس متوسطة بين جيلين يفصل بينهما بعض القدرات والمواقف والمهام فقط.
فقبل عشرين عاماً من الآن مثلاً كان لدينا نفس طموح وتسرع وعشوائية وحيرة أبنائنا اليوم, وما وقوفنا أمامهم بهذا النضج إلا مرحلة متقدمة بالنسبة ومتأخرة بالنسبة لهم, وهكذا, فالمسألة تمكن في قدرتنا على نقل كل مرحلة بكل خبراتها وإنجازاتها وإخفاقاتها المعلنة وغير المعلنة إلى هؤلاء الصغار وفق آلية زمنية محددة. أو لم تكن خبراتنا قبل اليوم من صنع آبائنا وأمهاتنا بالأمس؟!.. اقتربوا أكثر من هؤلاء الرائعين وستجدون أن أجمل ساعة على مدار اليوم هي تلك الساعة التي نحاول من خلالها الوصول إليهم في الوقت الذي نحثهم فيه على الوصول إلينا لكن دون أن يشعر أحدهم بذلك. قولوا لهم شكراً حين يبقوكم كباراً في أعينهم وفي أعينكم أيضاً, وارفعوا أمامكم إشارة "قف" حين تشعرون ولو لوهلة أن بينكم وبينهم أمداً بعيداً. بعض الحب فقط قد يغير مسار حياة حيل بأكمله وتذكروا أن الحب لا يعني فقط كلمة أو لمسة أو ابتسامة, إنه قدوة, ودفع وارتقاء ومهام موكلة ومواقف يتعاضد فيها اللين والشدة معاً..