يبيع السياسيون كل ما يمكن بيعه لإتمام صفقات رخيصة لا يستفيد منها إلا هم فقط. ولكل صفقة سياسية خسائر لا يتحملها إلا هذا الشعب الأشعث الأغبر الخارج دائماً من مولد الأزمات السياسية بلا حمص ولا حتى عدس!.. الشعب اليمني يلعب دور الإسفنجة التي تمتص أخطاء السياسيين فيه بروح رياضية عالية جداً. طبعاً هذا في ظاهر الأمر, أما فيما يتعلق بالباطن فالمسألة معقدة جداً إلى درجة أصبحت غير متوفرة خاصة فيما يتعلق بالانقسام الذي يعانيه مجتمع اليوم. وهذا لم يكن ليحدث لولا تلك الصفقات التي قبض ثمنها الساسة ومن يقف خلفهم من خونة, ومن يدفعهم من سماسرة الداخل والخارج. وعلى هذا الأساس, ووفق هذه الخلفية أيضاً ستكون ردة الفعل الشعبية خلال المرحلة القادمة. فمن الربيع العربي السياسي, إلى الخريف العقائدي, هذا ما تدندن به وسائل الإعلام الغربية التي ترى أن بلاد المسلمين كلها دون استثناء موطن للإرهاب الذي يجب أن يقمع بأيدي أبنائه وهذه السياسات الاستثمارية الفريدة بعد تحقيق نظرية الشرق الأوسط الجديد.. كل هذا بمجمله لا يعد إلا عصا غربية تحاول أن تقسم ظهر البعير الذي بدأ يترنح أمام قافلة لا يستهان بها من المغفلين وتجار الأزمات وقناصة الثغرات السياسية.
وعلى كل حال, الشعب هو المسؤول الحقيقي أمام هذا الاجتياح الصارخ لحقوقه, نعم فلو أن هذا الشعب كان واعياً بما يكفي لما تمزق وانقسم, ولما وجد السياسيون إليه سبيلاً, ولما كان هو الخاسر الوحيد في معركة غير متكافئة.
نشعر بالحزن حين نرى تلك الجماهير الهاتفة بشعارات الموت دون أن تدرك أنها ربما أعادت الروح إلى جسد الشعب لو أنها هتفت بوطن واحد وهدف واحد وغاية إنسانية واحدة. لكنه الجهل ولا شيء سواه, فهو من يجعل هذه الأفواج البشرية لا تبدو إلا كقطعان ماشية ضلت السبيل إلى المرعى, فهي تُطأطئ رؤوسها وتجرّ أذيال خيباتها راضية أو مكرهة.. ادفع أيها الشعب ثمن الوقوف خلف أولئك السماسرة والمرتزقة من رأوا في أزمات الوطن مواسم للكسب الرخيص والعيش البخيس.. ولو أن لكم عقولاً ما تركتم دياركم بعد ثورة سياسية حصدت رؤوس الناس كما تُحصد رؤوس الذرة..