حينما نتأمل في عصرنا الحالي وما تمر به بلادنا من تقلبات وأحداث ندرك جيداً بأن اللُعبة السياسية والانتقام وتصفية الحسابات أصبحت سمة بارزة تصنع الحروب والنزاعات والمشاجرات وتسبب استهتاراً للقيم والمعايير المختلفة وبالتالي فإن هذا السلوك يمثّل تحدياً كبيراً لواقعنا الثقافي وتاريخنا الحضاري مما يؤدي إلى تحول بعض القوى نحو الطريق المتشعبة المليئة بالعنصرية والطائفية.
ففي خضم هذه الأحداث المؤلمة في الوطن تكثر علامات الاستفهام حول الواقع بعد أن توسعت الجماعات المسلحة في العاصمة صنعاء وتمت عملية سقوطها بنجاح بالتعاون مع الدولة دون أي مقاومة تُذكر والسيطرة على جميع المنشآت الحكومية المختلفة..
ففي هذه الأثناء تعيش العاصمة في مخاض عسير وعلى عمليات نهب واسعة يقوم بها مجموعة من المسلحين ( الحوثيون الجدد ) الذين لحقوا ما أسموها بثورة الشعب على غرار إسقاط الجرعة والحكومة فاقتحموا منازل شخصيات مشهورة وبعض الإعلاميين والصحفيين والوزراء والقنوات الفضائية وما إلى ذلك حينها تحولت العاصمة إلى مدينة أشباح لا تعترف بالأمان والطمأنينة والسلام .
فما نراه اليوم نعلن أن اليمن الجديد بات بعيد المنال تماماً فثورة الشباب التي قامت في 11 فبراير 2011 تطايرت أشلاء وتبخرت في الهواء برفقة المبادرة الخليجية ولم يتبقَ سوى مخرجات الحوار الوطني الذي يسير حبواً بالتضامن مع الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مؤخراً بين الحكومة والحوثيين, لكن وكأن الأمر لم يكن بعد ظهور الحوثيين الجدد بكثافة عالية وهم ينتشرون في الأحياء والأماكن العامة ويقتحمون المنازل وهذا يُعد انتهاكاً واضحاَ وانتقاماً حقيقياً لبعض الشخصيات المهمة في الوطن؛ فكيف سيتمكن اليمنيون من بناء دولتهم أمام هذا التحدي والعبث المستمر؟.