ضمن سلسلة الانتصارات المزعومة والتي بدأت من صعدة ثم حاشد وعمران وصولاً إلى العاصمة صنعاء.. الحوثي ينتصر عسكرياً بفعل الخيانة وينهزم أخلاقياً بفعل تصرفات مليشياته المسلحة.
فالمتابع للشأن اليمني يدرك أن الحوثي قوي بغيره لا بنفسه ومنذ الحروب الأولى التي خاضها مع الدولة لم تكن صادقة بل كانت بمثابة ترويض وتدريب للحوثي ومليشياته المسلحة وتأهيلهم ليصبحوا بديلا عن الدولة التي ضلت عاجزة عن محاربة ما يسمونه بـ ”الإرهاب” فوضعها الرخو لا يسعفها لذلك.
ما جعل قوى التحالف سواء الداخلي أو الخارجي يهتمون أكثر بالحليف الجديد الذي بدأ يقدم نفسه من خلال خطاباته ومقابلاته بديلاً عن الدولة في العديد من القضايا بل لم يكتفِ بالخطاب فقد تجاوز حتى مطالب الحلفاء, فبدأ بالجماعات العلمية التي لا علاج لها بالعنف ولا بالسياسة فهجّر منهم من هجّر وقتل من قتل وقضى على مساجدهم ومراكزهم العلمية، ثم اتجه إلى الإسلام السياسي المتمدن فحاول بكل الوسائل جره إلى المواجهة بالسلاح ليتم القضاء عليه, فلم يستطع مع كثرة الاستفزازات التي استخدمها كذريعة لجر حزب الإصلاح بالذات إلى العنف، فسيطر على صعدة ثم هاجم قبائل الحاشد الحليف القوى للإصلاح وقبائل أرحب وهمدان ثم دخل عمران وسيطر عليها ثم صنعاء ومع هذا فشل لأن الإصلاح يدرك حجم المؤامرة عليه داخلياً وخارجياً.
فمن العقل أن تقحم نفسك في معركة أنت تعلم نتائجها وحسب بعض المعلومات أن أحد قادة الألوية العسكرية في العاصمة أخبر الرئيس هادي بأن لديه القدرة على حماية صنعاء وإخلائها من المليشيات المسلحة وانه سيقاتل بجد وسيرفض أي أومر تحتوى على خيانة، عندها تم الاتفاق على تحييد هذا اللواء والمقاتلة بألوية أخرى ليتم قتل مجموعة من العسكريين ويبقى مجموعة منه ينتظرون أوامر التسليم ويحضرون مراسيم نهب المعدات ليحسب بعد ذلك انتصارا للمليشيات المسلحة.
والجديد في المعارك التي بعد ثورة فبراير الشبابية والشعبية عن حروب ما قبل الثورة هو دخول حلفاء جدد على الخط. حيث استطاع الحوثي أن يرمم علاقته مع الرئيس السابق على عبدالله صالح رغم أنه خرج في ثورة فبراير وكان شريكاً في إسقاطه، ساعده في ذلك الانتماء الوطني الزائف والحقد الأعمى على حزب الإصلاح وبعض القيادات، فاستفاد الحوثي من الدعم اللوجستي الذي قدمه صالح .
ومع وجود دعم إقليمي فقد دخل هذه المرة دعم من دول شقيقة كالسعودية مثلا ويبدو سبب ذلك هو التوافق الإيراني الخليجي الأخير، كما أن السعودية لا تخشى من ثورة شيعية بل تخشى من ثورة سنية.
لذلك دعمت مليشيات الحوثي المسلحة بحجة أن الإخوان هم أشد خطرا على الحكم العائلي العضوض من الباحثين عنه. كما أن الجديد في هذه الحروب وجود سمسار أممي ساعد في تسهيل عمليات الخيانة.
أما الانحدار الأخلاقي لهذه المليشيات المسلحة وهو بمثابة انهزام المبادئ والقيم، ويتمثل ذلك باقتحام البيوت والمنازل وترويع الأمنين والتعدي على الأموال العامة مثل القيادة العلياء للقوات المسلحة ووزارة الدفاع ومقر قيادة القوات الجوية والقنوات الفضائية الرسمية (اليمن وسبأ والإيمان) وكذلك السطو والنهب على الممتلكات والمؤسسات الخاصة مثل قناة سهيل وجامعة الإيمان ومؤسسة الفتاة وغيرهن .
أما بعض المنازل التي تم اقتحامها كان عليها بعض البصمات الواضحة لضلوع الشريك الرسمي لهذا الانقلاب على صالح مثل اقتحام منزل محمد قحطان ودخول غرفة النوم والتقاط الصور داخلها وكذلك اقتحام منزل وزير الدفاع السابق عبدالله على عليوه الموالى لعلي محسن وكذلك منزل فرج بن غانم رحمه الله الرافض لما كان عليه نظام صالح وكذلك منزل الناشطة الحقوقية توكل كرمان وغيرها من المنازل التي تم نهبها، كل هذه الأمور أسفرت عن هزيمة أخلاقية تفصح عن إفلاس لجماعات العنف في مجال الأخلاق والإنسانية، ولهذا عجز عضو المكتب السياسي لهذه المليشيات المسلحة علي البخيتي عن إخفاء الوجه القبيح لهذه المليشيات المتوحشة وذلك بدخوله بعض المنازل وجعل أصحابها يكتبون استلام ببيوتهم بحجة أنهم دخلوه للحماية مع أن البيوت لا يوجد فيها سوى هذه الكائنات المتصورة بصورة البشر.
بسام الشجاع
نصر الخيانة وهزيمة الأخلاق 1223