بينما العرب يجتمعون في نيويورك، وبينما هناك الحوارات وحرب داعش وقضايا سوريا والعراق، وبينما هناك أعمال في القدس على هدوء وراحة تطال تغيير الخارطة في إيجاد واقع جديد لمشروع جديد في فلسطين التي نسيها العرب، ونسوا غزة ونسوا القدس، ولم تعد في خارطتهم، وفي الوقت الذي يتصارع فيه الليبيون الذين أذوا عمر المختار في قبره، نجد إعلان سقوط صنعاء بطريقة فاجأت الجميع، ولم يتفاجأ من كانوا يطلعون على مثل هذا..
فإذا سقطت صنعاء بطريقة مهينة من عصابة إرهابية ودولة تريد أجندة وإمبراطورية أسقطت بغداد وأسقطت دمشق وها هي تسقط صنعاء لتقلب المعادلة رأساً على عقب، ولم تحتج إلى برايمر هذه المرة ليحل الجيش، فالقادة اليمنيون قاموا بالواجب أكثر من برايمر ومن الشلبي، وفرضت الاتفاقية مجزأة وقع عليها قادة الأحزاب بذُلٍ وهوان والسكاكين وفوهات البنادق على رؤوسهم، وقررت إيران ألاَّ عودة للمبادرة الخليجية، وإن الخليجيين وجامعة الدول العربية لم يعد لهم دور في اليمن التي أصبحت الولاية الرابعة التي يحكمها قاسم سليمان.
فقد حذرنا وحذر غيرنا عبر هذه الصحيفة الغراء من خطر التوسع الإيراني ودور إيران في اليمن، ولكن لا أحد من الأحزاب المتصارعة يسمع ، وهي لا تدري أنها ستدفع الثمن غاليا جداً، وتتشفى... فرح الاشتراكي وفرح الناصريون وفرح وخطط وساهم ماعدا المؤتمر ينتقم على حساب شعبه وسكت الإصلاح الذي كان موقفه لا يحسد عليه، فقد ظهر أنه لا يملك شيئاً وأن محمد قحطان الذي قال يومها في ثورة الربيع المشبوهة والفخ الذي أراده الغرب أنه سيدخل غرفة نوم صالح، فدخل صالح غرفة نومه بقوات الحوثي وعاثوا فيه الفساد.. للأسف إن قادة الإصلاح لا يتعلمون من أخطائهم ويصرون عليها، فهم ظلوا يكابرون في التقليل من خطر إيران وشاركوا عملاءها ورجالها في التحالف الشيطاني المشترك الذي هو نكبة على اليمن وأهلها.
ولعبت إيران وقام خبراؤها من لبنانيين وعراقيين يخططون ويدربون وحصلوا على أسلحة الجيش اليمني ما يساوي عشرة ألوية خزنوها في الجبال والرئيس اليمني الذي هو تلميذ علي عبدالله صالح وتفوق عليه ودرس على يديه فاق أستاذه وأصبح بين يدي أقربائه وشلة سيئة وأصبح يعيش أوهام الحراك وأوهام أخرى مع وزير دفاعه المنتقم الذي أصر عليه رغم شكوى الجميع وأعماله وبدل من أن يرحم الناس أراد هؤلاء أن ينتقموا لحرب 94 التي كانوا هم أبطالها ولا ذنب للعوام من المسلمين فيها.. ما ذنب الأبرياء ولا حول لهم ولا قوة ولا تقسيم اليمن على مائة قسم، فهذا يخص أهل السلطة ولو قسموا اليمن على عدد الأحزاب والقبائل ليحكم كل رئيس لكان أبرك لهم ما داموا مجانين كراسي ورئاسة.
اليمن المنكوب جائع خائف، ومنظر المسلحين والقات في أفواههم والهمجية يعطي للعالم نفس صورة داعش، وغيره...أين هذه الاتفاقية؟ ما قيمتها لشعارات الحزب نرفع على وزارة الدفاع وتنتهك الدولة ويصبح البنك المركزي والوزارة تحت سيطرة هؤلاء وتُنتهك البيوت وتُنهَب ويُذَل الرجال مهما كانوا بانتقام يتنافى مع مباديء الأخلاق الإنسانية تحت شعار الثورة الشعبية والديمقراطية الكاذبة التي ضحكوا بها على الشباب والعوام، أي ديمقراطية تتحدثون عنها؟ أي دولة تتحدثون عنها؟ لقد سقطت ورقة التوت عن الجميع، ولكن المصيبة انهم لا زالوا يكابرون ويبررون ويزوِّرون الحقائق.
هذه الأحزاب وحب السلطة جعلتهم أذلاء.. لم يعد في اليمن شخص يتم الحديث معه. ينتقد اليمنيون العرب ويلقون بأخطائهم وجبنهم وتواطؤهم وتخليهم عن شرف بلدهم وتفريطهم بسيادتها ويلومون الآخرين، أمر غريب ليس فيه أي عدل أو عقل.. إذا صاحب الشأن باع وتخلى عن وطنه ودمر بلده، فما ذنب الآخرين زوروا على العرب الرئيس زوروا المعلومات على دول الخليج إنه صراع بين الإصلاح والحوثي، ولا دخل للدولة ولم يسأل نفسه هل حصار وزارة الدفاع يعني الإصلاح والأمن القومي وغيره!! ودول الخليج لم تُعط اهتماماً لتصريحات المسؤولين الإيرانيين ولم تفكر بما يجري حولها وتتبادل الحوارات مع إيران وتركوا اليمن لابن عمر والدول الغربية تم تفكيك الجامعة العربية.. ضاعت العراق ولم تعد عضواً بل أصبحت ولاية إيرانية وسوريا ولبنان الآن اليمن..
ما هذا الذي يجري تتار غُزاة جاؤوا بدلاً من اسرائيل ليدمروا العرب ويعيدوهم كما كانوا أيام كسرى ولا زالت هناك مخططات بضاعة داعش وأنصار الشريعة وهناك حرب قادمة في الجنوب وهناك أعمال صراع من قبل الرافضين لهذا العدوان المنتقمين سينضمون للجماعات الإرهابية. نعم سينضمون وستصبح اليمن كبغداد وأشد ولن تنعم المنطقة بالسلام انها خطة كيسنجر ونصيحة بريجنيسكي وخطة رايس وبرنارد لويس. إن هناك تحالفاً إيرانياً إسرائيلياً أمريكياً لمصالح وها هي الأيام تشهد وتثبت ذلك، فماذا بعد. ليس أمام العرب سوى اتخاذ قرار شجاع بالمصالحة ولملمة الأحداث والجروح والتسامح وإعادة بناء الدول..
أين العقلاء ليعلنوا لجنة مصالحة لمناطق النزاع وعودة الدول لسيادتها ليس للعرب هل سوى امتلاك السلاح النووي الرادع وأن تكون لهم قوة أمام أطماع أعدائهم إيران وإسرائيل، وإلا فإن الأطماع والمخططات لن تقف عند حدود معينة, فهاتان الدولتان أخطر أعداء العرب، شاء من شاء أو غضب من غضب، هذا ما تريده إسرائيل لفرض أجندتها وحليفتها إيران لمصالح مشتركة, ودعونا من سذاجة الخلاف الغربي/ الإيراني وانظروا ماذا جرى من لقاءات وتسابق في نيويورك لقادة الغرب مع روحاني الذي أسال لعاب شركاتهم بالصفقات الكبيرة.
وإياكم والتحليلات والبرامج المزوَّرة في القنوات التي تخدع وتزور المعلومات على المواطن.
أحمد عبده ناشر
العرب واليمن المنكوب 1261