نعم.. فللطائعين والمخلصين سمات يعرفون بها ولا يمكن أن تكون لدى سواهم ومن الناس ومن وجهة نظري أرى أن طاعة ولي الأمر لا تقل قداسة عن طاعة الوالدين, على أساس أن مصلحة الوطن لا تقل أهمية عن مصلحة الأسرة, وما تلك الأسس أو منظومة من الأسس والدعائم العامة التي يسير على أساسها نهج الوطن. إن تلك العلامات والسمات الظاهرة والمعبرة عن التمرد والعصيان على ولي الأمر والوطن وأصحاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتبدو واضحة وضوح الشمس في كبد السماء, ولعلنا لا يصيبنا العجب إذا علمنا أن من هؤلاء كثير ممن لا تربطه بوالديه أو أفراد عائلته أو ولاة الأمر في عشيرته رابطة طاعة أو امتثال, بل إن كثيرا منهم يتلطخ تاريخ حياته بقضايا أخلاقية وسياسية واجتماعية قد يستلزم تنفيذ أحكامها حياته ولا شيء سواها.
ولئن كانت هذه مصيبة فالمصيبة الأعظم منها أن يكون للخارجين عن جادة الصواب ولاة أمرٍ يأمرونهم بالثبات على الضلال وغلق كل منفذ للحق وتحكيم العقل والصواب, فما الذي يحول بين هؤلاء وبين الصواب إلا ولاة أمر وأئمة ينفثون سم العصيان في عقول أتباعهم ليكونوا عبيد لمقاصدهم, ووقوداً للنار التي سعرتها أنامل الشياطين منهم.
إن للصلاح والفضيلة سمات كما أن للعصيان والتمرد سمات أيضاً وليس من المستحيل أو الصعب على أحدنا أن يقرأ تلك السمات في وجوه الذين يدعون أنهم يستنصرون للوطن ويستصرخون لمصلحة المواطن.. وسيتحدث التاريخ عنهم يوماً ما حين يصبح هناك من يستطيع كتابة الواقع كما هو وبدون أي مزايدات تذكر. لكن طالما وأن لدينا من أصحاب الرايات الصفراء كثير فسيكون أمام عربة التاريخ ألف إشارة وإشارة تؤخر عبورها إلى عالم الحقيقة.
إن خيانة الوطن ومحاولة استئصال ثوابته جريمة مركبة لأن فيها تشويها لعقلية الإنسان ومكاسبه الحضارية, كما أن فيها إلغاء للدور السياسي والاجتماعي والثقافي للنخب المسؤولة عن إحداث التغيير في المجتمع, فبماذا يكتب التاريخ إن لم يكتب بيد هؤلاء؟!
ألطاف الأهدل
لا يخون الوطن إلا عاصي والديه.. 1364