قد أستوعب أو أجبر نفسي على استيعاب الكثير مما يحدث في الوطن مما تراه العين ولا يرضاه الخاطر، لكن أن يحدث ما حدث من انتهاك لحرمة البيوت وكسر حواجز الحياء والدخول على أعراض الناس بلا وازع من دين أو عُرف أو عادات وتقاليد، فهذا والله من أغرب ما يمكن أن أراه في هذا الوطن الذي يتلفع مجتمعه بأستار العيب وثقافة الحلال والحرام.. إن انتقال النزاع السياسي إلى دائرة الطائفية وإعادة توصيف الصراع كمزيج من العقائد والمواقف المشحونة بالحساسية تجاه أهداف متطرفة يجعل من الصعب استيضاح الآلية التي يتحرك بموجبها مد الشيعة في أماكن متفرقة من بلاد المسلمين، فيبدو أن الكبت ـ الذي تعرضت له الأقليات العرقية والطائفية ـ جعل من الربيع العربي أرضية خصبة للانطلاق والخروج عن حدود المساحة الفكرية والجغرافية لها، وليس هذا فحسب، بل إن الدول المرتبطة بمصالح نوعية مع تلك الأقليات ساهمت بشكل أو بآخر في اندلاع نيران المواجهة المحلية تحت مظلة حقوقية أو منطقية مستهلكة تتعامل مع أفرادها وكأنهم كائنات فضائية لا يحق لأحد الاقتراب منها.
إن عدم القدرة أو العجز الذي تعاينه جميع الأنظمة العربية في احتواء أقلياتها وفرض التعايش بينها وبين أفراد مجتمعاتها وفق آلية قانونية صارمة وعادلة ومتوازنة معاً.. كل هذا أدى إلى ظهور هذه الصراعات المتتالية في بلاد المسلمين، والتي عجزت حكوماتها في نهاية المطاف عن احتوائها أو توحيد رؤاها أو توظيف طاقاتها لصالح البنية الفكرية والثقافية والاجتماعية لمجتمعاتها، حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه اليوم من تحليق في سماء التداعيات الدينية والعرقية والتلويح بانهيار المجتمعات الإسلامية عقائدياً وأخلاقياً كنتيجة حتمية لحروب أهلية قد تجد حكوماتنا نفسها مضطرة لخوضها ـ لا سمح الله ـ بعد سقوط هيبة الدولة، وانحصار صلاحيات الحكام، وأيضاً حالة الانفصام التي أصابت كيان القرار السياسي الذي أصبح عاجزاً عن الوصول إلى حد تقرير المصير مهما احتشدت حوله أصوات الخلاص والانفراج، وسيكون الأمر أسوأ إذا تم تصنيف أقلياتنا ضمن قائمة الإرهاب الدولية غداً.
ألطاف الأهدل
يا منعاه، هل يحدث هذا في اليمن؟ 1374