ببندقية الجهل والتخلف دخلت مجاميع الحوثيين صنعاء المركز الرئيسي للدولة اليمنية دون أن يجدوا مبرراً لتلك الهجمة سوى استغلال مطالب محقة للشعب اليمني في عيشه والتمترس وراء ذلك الكم الهائل من الأهداف وخفايا المشروع الإيراني المنتشر في كل من العراق وسوريا ولبنان وغيرها. يحدث ذلك في سبيل كسب سياسي وطائفي، كما أحسب، خصوصاً في ظل ما تعانيه الدول العربية وأبرزها اليمن من الفقر والجوع والمرض وهي ترزح تحت وطأة السياسات التي تستهدف مشروعها النهضوي والاقتصادي فكانت بحق بحاجة إلى التفات كافة الأشقاء والجيران بدلاً من التربص بها وبمستقبلها.
إذ أن دخول الحوثيون المتطرفون صنعاء تحت تهديد السلاح وتواطؤ بعض السياسيين لمصالح أنانية ضيقة تهدف للقضاء على خصوم سياسيين دون إدراك لما هو أشد، أعني الأمر الذي يمكّن الحوثيين من تحقيق بعضاً من أهدافهم. وسوف تثبت الأيام المقبلة حقيقة مشروعهم وأهدافهم التي يتحركون تحت عباءتها, مستغلين الخلاف الجوهري بين المكونات السياسية والذي بلغ ذروته إبان ثورة التغيير عام 2011.. هذا الأمر جعل الحوثيين يبرزون في مشروعهم وتبعيتهم المطلقة لإيران ومدى تلقيهم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لإحداث معادلة أخرى تدرك إيران من خلالها أنها سوف تكسب ورقة ضغط من لا شيء وتستخدمها لأحداث أخرى في المنطقة وتغيير معادلة الصراع خصوصاً في سوريا والعراق.
كل الأحداث التي عاشتها صنعاء خلال الفترة السابقة تؤكد وبعمق مدى الترابط الوثيق بين النظام السابق ودعاة الإمامة والغطاء الدولي الذي يتحرك فيه حسب مصالحه دون النظر في زوايا أحداث ما يدور واتخاذ القرار الصائب إزاءها. ولأن ما حدث من انتشار لميليشيات مسلحة في العاصمة صنعاء يعد بمثابة إعلان حرب على أساسه يكون دور مجلس الأمن في القيام بواجبه المناط به والذي يتحرك بموجبه في ردع جماعات التطرف والإرهاب في بقاع أخرى وبما لا يمنع من ان تحدث تلك التحركات الصبيانية والغوغائية والتي أفضت إلى خلع أطر ومبادئ الديموقراطية وجردتها من أسس المدنية والتعبير المشروع. كل ذلك يحدث أمام أنظار العالم الذي يسكت عنه مجلس الأمن، ولم تجر إدانة تلك الميليشيات كونها تناقض خيار السلام وتفرض الحرب جبراً وبتعاون ودعم بعض الدول الإقليمية.
إن للأشقاء دورا يمكن من خلاله إدراك ما تبقى من اليمن ليبقى على عروبته وأصالته وانتمائه. وطالما أن بالمقدور إدراك اليمن عبر برنامج مختصر لرعايته والاهتمام به عبر كوادر متأهلة ومتقدمة من أكاديميين وإعلاميين ونحو مشروع واحد ينتج من خلاله النجاح ويشعر فيه الناس بمدى الانتماء بدلاً من التسيب خلف الأوهام والجهل والتخلف خصوصاً في ظل الواقع الذي تعمل فيه إيران بأدوات حادة لا تكاد تتوقف. وكذلك إيجاد أذرع تابعة لها بل تتحدث باسمها في اليمن وغيرها وهي بمثابة ورقة تحتاجها طهران لمقايضة مشاريع أخرى في المنطقة بالتضاد مع المملكة العربية السعودية بينما لا يدرك الأشقاء في الخليج ان سهام الحوثيين التي لا تصيب اليوم سوف تصيب غداً أو بعد غد. وكل ذلك لأسباب ثانويه كان الأحرى استغلالها بدلاً من قمعها وإعلان الحرب عليها وإدراجها في قائمة الإرهاب
صنعاء العاصمة لم تنكسر بفعل العدوان الحوثي المرتب له بين بعض الأطراف لكنها قد تنكسر في يوم ما إذا لم نحسن التصدي لمن يريدون تمرير مشروع خارجي عبر ترابها.
القدس العربي
عمر أحمد عبدالله
أدركوا ما تبقى من اليمن العربي 1047