يغلو بعض السيدات والسادة في استخدام طرق الدعوة إلى الله حتى يصلون إلى درجة الترهيب المرفوضة التي تصور النار والحريق لكل حائرٍ غريق.. بينما يدعو ديننا دائماً إلى اللين والرفق وتحكيم العقل حتى في إيقاظ العاطفة والإحساس بوجود الله تعالى في كل مكان وفي كل شيء، لهذا يتميز بعض الدعاة بأساليبهم الراقية في الدعوة، وهم إذ يفعلون ذلك إنما لرغبة في أن يعلم العُصاة والمذنبون والغارقون في الفساد والإفساد أن الله ينظر إليهم ويعلم تفاصيل هفواتهم ومعاصيهم، لكنه أرسل إليهم بمن يوقظ غفلتهم قبل أن يعاقبهم.. فالدعوة لدى هؤلاء رسالة لها أصولها وثوابتها وآدابها.
والدعوة وسيلة من وسائل دينية كثيرة لإحداث السلم والطمأنينة بين أفراد المجتمع وحماية حقوقهم وتبصيرهم بواجباتهم تجاه الآخرين..
ومن هنا يأتي الفرق في حجم الجمهور الذي يحتشد بين يدي داعيةٍ ما وآخر قد لا يملك الوسيلة إلى قلوب الناس، فالدعوة إلى الله فن أيضاً.. لهذا وفي مجتمعنا اليمني تحديداً لا نجد ذلك الداعية الذي تتعملق أمامه الغايات السامية حتى يرى في الدعوة إلى الله ما لا يراه الساسة في قوانينهم وخطبهم وتصريحاتهم ومواقفهم السياسية من جماهير الشعب وغالباً ما يندر في مجتمعنا حضور رجل الدين الفطن والمحنك والقادر على إحداث السكينة في صفوف الغيورين أو المنتقدين أو العاجزين عن استيعاب واقع الحدث لما يحمله من ألم وتناقض، وقد نكون في هذه الفترة تحديداً أحوج ما نكون إلى وجود هذا الداعية المرن والمؤمن بقدراته والفطن في قراءة قناعات الناس وأمزجتهم المختلفة خاصة وأن الصراع اليوم يتعلق بأمر الروح وما يسكنها من عقائد وقناعات.. فأين هو رجل العقيدة ذو الرؤى الثاقبة بحق؟!! أين هو رجل الدين الذي يحترم العهد والميثاق بينه وبين الله قبل أن يخشى تهديد أهداف الجماعة وزلزلة توجهها؟! نحن بحاجة ماسة لوجود ذلك الرجل الذي يستطيع استبيان مشاعر الناس ويسيطر على درجة توترها ويحسن عقلنتها لما فيه الصالح العام..
الدعوة إلى الله فن روحي وإنساني واجتماعي نفتقد لمن يمارسه بين دعاة اليمن، ونأمل منهم أن يعيدوا وترتيب أولوياتهم ويدركوا صلابة مواقفهم التي يمكن أن تغير من واقع الحال المعاش إلى الأفضل.. فنحن شعب نملك الكثير من العاطفة مقابل الكثير من الحكمة أيضاً، حتى لو بدأ الأمر بعكس ذلك في بعض المواقف الفردية.
ألطاف الأهدل
الدعوة إلى الله فنٌ راقِ 1278