إدخال السرور على قلوب الناس ليس أمراً سهلاً, ولكنه من الأعمال التي يحبها الله تعالى, ولعلنا نشعر أحياناً ببعض الحزن وخيبة الأمل التي لا نعلم لها سبباً واضحاً. غير أن إغلاق منافذ الإحساس بالآخرين قد يكون سبباً كافياً لحدوث ذلك الحزن وتلك الخيبة. ومن هنا جاءت أهمية أن يحاول الإنسان تلمس احتياجات الآخرين وإدخال السرور على أنفسهم ولو بالكلمة الطيبة. لكن من المهم جداً أن نعلم أن بعض العطاء قد لا ينقص مما نملك شيئاً, وقد لا يفي بما يحتاجه الآخرون, لكنه سيد فهم للإحساس بأن الدنيا لا زالت بخير, وأن هناك من يشعر بمعانتهم ويمكن أن يكون سنداً لهم وعنواناً يقصدونه إذا اشتدت عليهم الخطوب وتهاوت على رؤوسهم شظايا الكرب. وبعد الله سيجد هؤلاء في أولئك منفذ للخير ومخرجاً أيضاً من هموم كثيرة أنفقوا للخروج منها أموالاً طائلة لكنهم عجزوا عن ذلك.
ولعل من الحكمة إدراك هماً يحمله إنسان قد يكون فرجاً لك أنت.
من هنا تفريج الكُرُبات وإدخال السرور على قلوب الناس من الأمور التي تؤلف بين قلوب البشر وتهدي الغافلين منهم إلى أسباب خفية تكمن خلف أمور ظاهرة وهي أسهل بكثير من أن تحسب كمحن لا كمنح.
والشاهد في الأمر أن العطاء الذي نبذ له سواء كان مادياً أو معنوياً قاصدين به تفريج كربه وتخفيف هم وإدخال سرور على قلب إنسان هو سبب من أسباب كثيرة لتفريج همومنا وكربنا وإدخال السرور على أنفسنا أيضاً.
وحتى يكون هذا العطاء صافياً, نقياً, طاهراً من الشوائب يجب أن يتم بسرية وإخلاص ونية في الهدف منه, لأن أي شائبة من شوائب المصلحة الدنيوية تمنع تحقق الغاية وتقطع حبل الاستمرارية وتعلق العمل على نية العامل حتى يتحول الأمر إلى نفاق. لهذا تحدث الرسل بأمرٍ من الله ووحي منه عن الإحسان الذي يجعل العمل نقياً وخالصاً لوجه الله الكريم.
إن إخراج العمل من مساحة الرياء وطلب الجزاء يوصله إلى درجة السمو حتى يشعر الآخر ممن يستفيد منه بوقار العطاء ورقي صاحبه, بينما قد يستشعر إنسان آخر ثقل عطيةٍ أو هدية ما دفع بها صاحبها عن نفسه إلا خلاصاً منها لا من هدايا القدر من آلام. وهناك فرق بين من يرى في العطاء عبادة وسعادة ومن يرى فيه مجرد عادة وحب ريادة.
فالله الله في عطاء من القلب لا يعلمه إلا الرب يزول بعده الهم وينفرج به الكَرب..
ألطاف الأهدل
عطاء من القلب 1400