اتصل عليّ الأخ الشيخ عبدالرحمن احمد نعمان- سليل الأسرة النعمانية العريقة رائدة التنوير في اليمن- يسألني بانزعاج عن منشور يقول: "تعز محافظة جنوبية"، بمعنى الانضمام للجنوب وترك الشمال، مستفسراً عن الجهة التي هي مصدر هذا المنشور، كونه يدعو إلى التفرقة وتعميق الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وأنا أيضاً كنت قد قرأت هذا المنشور في "الوتس اب" ولم اعرف مصدره، فإذا كان المقصود ان تعز محافظة تقع على الجانب الجنوبي في خارطة الوطن اليمني فهذا صحيح، أما اذا كان الهدف منه نعرة تفرقة وتمزيق فهذا مالا يرضاه أي تعزي، كون تعز عبر تاريخها الطويل عامل وصل بين كل أبناء الوطن شمالاً وجنوباً، وتنظر لكل مناطق اليمن بجهاتها الأربع بعين سواء، وفي ضمير كل تعزي؛ تعز هي الجنوب وهي الشمال وهي القلب، ولسان حال أبنائها يردد ما قاله شاعرها وشاعر الوطن العملاق عبدالله عبدالوهاب نعمان "ليس منا أبداً من فرق، ليس منا أبداً من مزق، ليس منا أبداً من يسكب النار في أزهارنا كي تحرق" هذا النبض الرائع الذي لحّنه ابن تعز فنان اليمن الكبير أيوب طارش مغروس في ضمير كل تعزي ، ولا نقبل أبداً ان يتمزق الوطن مهما كانت الظروف والعوامل فما بالك بمن يريد لنا ان ندعو لهذا الستات، فتعز هي اليمن كل اليمن واليمن هي تعز، ولن نتنكر ليمنيتنا ولن نتبرأ من أي منطقة من مناطق وطننا الكبير، ولا يمكن ان تكون هذه لهجتنا مهما عانينا أو ظُلِمْنا، ولكن سنعمل مع كل شرفاء الوطن لإزالة الظلم وتأسيس دولة العدل والقانون والمواطنة المتساوية ، وتأسيس الأقاليم كحل عادل ومخرج منصف لكل اليمنيين في ظل دولة اتحادية تحافظ على الأرض اليمنية وسيادتها ، قد يكون كاتب هذا المنشور متأثراً بالأجواء المشحونة جراء المليشيات القادمة لإب والتي فسرت بالغزو المذهبي وفرض الآراء بالقوة ، أو انه سرب للإساءة لأبناء تعز وقد يستحسنه البعض مع هذه الأجواء المشحونة.
وفي كلا الحالتين فهذا التفكير من وجهة نظري مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه يحمل في طياته شحناً إضافياً وعملاً تمزيقياً للوطن, فأناشد كل إخواني بالمحافظة ان لا يسمحوا لهذه المصيدة ان تعمم ، فنحن جنوبيون ونحن شماليون ونحن يمنيون حتى النخاع، كما أناشد إخواني الحوثيين ان يستشعروا حساسية الموقف ويتفهموا طبيعة أبناء إقليم الجند الذين يقبلون التعايش مع الجميع وليس لديهم حساسية من أي فكر أو مذهب ولكن كل حساسيتهم أن يفرض عليهم الفكر أو المذهب بالقوة، فلنعمل مع إخواننا انصار الله على ضرورة تواجد الدولة لتقوم بدورها بدلاً من استبدالها بالمليشيات المسلحة من أي طرف كان ، ونحرم الدم اليمني خاصة والدم الإنساني عامة، فدم المسلم على المسلم حرام، وابن إقليم الجند مهما تضعف الدولة أو حتى تتوارى, فإن ثقافة الدولة في وجدانه، فهو يحترم دور الدولة ويقدس النظام والقانون.. نسأل الله سبحانه أن يحفظ وطننا قوياً عزيزاً موحداً.
محمد مقبل الحميري
تعز محافظة يمنية 1718