لأول مرة نشعر بمرارة الاحتكام لصوت العقل والضمير الوطني لأول مرة نشعر أننا بين أيدٍ غير آمنة, وعلى أرضٍ غير صالحة للعيش, وفي مهب ريح عاصف.
فقد اعتدنا أن نقف بصلابة أمام من يحاول سحب البساط وإغلاق السبل وتقييد الحريات المؤطرة بمبدأ الحق والواجب.
ولأول مرة نشعر أن الهم الذي نحمله يفوق كل قدرة نملكها, وأن الأمل الذي كنا نخفيه بين جوانحنا أصبح يتسرب خلسة عنا كما تتسرب المفردات من أفواه الخجالى.
نعم فمن الصعب أن يجد الإنسان نفسه رهينة لمن ليس له حق الدخول إلى المضمار, وكأن المواطنة التي نبحث عنها مجرد صدفة, أو أن الوصول إلى مصاف الحكمة والعقل أمر فيه نظر وعليه عتب. نؤمن بكل تلك الجهود التي بذلت لحقن الدماء والسعي لتحقيق مبدأ السلم والشراكة بين كافة الأطياف السياسية, كما نثمن جهود أولئك المخلصين من أبناء الوطن الذين أنفقوا كل رغبةٍ للذود عن منجزات الوطن من أجل تقديم الولاء الخالص للشعب وولاة الأمر وأهل العقل والحكمة في الوطن. لكننا لا نزال تحت تأثير الصدمة السياسية التي طوت كل تساؤل وألغت كل إجابة شافية يمكن أن تغلق أمامنا تلك الأبواب التي أبقاها أصحابها مواربة لاستراق السمع والتجسس على مشاعر الغيرة الوطنية والحمية الدينية ومحاولة إحياء كل نية نائمة للانتقام والثأر لحرياتنا الإنسانية التي حماها ديننا قبل قوانين وضعية ركيكة وعاجزة عن إنصاف البشر.
إن حجم المرارة التي يشعر بها الشعب اليوم لا يمكن قياسها, لدرجة أن تتحول إلى حالة صمت شائعة وانهماك كامل بما يجب وما لا يجب فعله خلال الأيام القادمة.
إن هذه الأزمة السياسية الطارئة لم تكن لتستفحل على هذا النحو الخبيث لو أن أصحاب القرار السياسي ومن والاهم من أُولي الأمر وأهل العلم والحكمة عرفوا الداء ووصفوا الدواء, لكنهم تركوا هذه المسؤولية وآثروا أن يكونوا طرفاً في النزاع وليس عنصراً محايداً لا ينتمي له أو يدعو إليه, لقد اكتفوا بالطواف حول كعبة الوطن وعجزوا عن السعي لإتمام شعائرهم الوطنية لهذا كانت حجتهم باطلة..
ألطاف الأهدل
لأول مرة في تاريخ الوطن.. 1230