قيادات الأحزاب في بلادنا تحنطت ومسئولو الدولة شاخوا وهم في مواقعهم، وكل طرف من هؤلاء الأطراف يطلب من الآخر الرحيل وينسى نفسه.
في مجتمعنا كانت العادة في الزمن البعيد أن المرأة مكانها بيت أبوها ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها لا تخرج إلا إلى القبر، ولكن واقعنا المعاصر أثبت أن هذ المثل ينطبق على مسئولينا، فكل من يتولى قيادة بلادنا أو قيادة حزب أو جماعة يبقى في الكرسي ولا يفرق بينه وبين المكان الذي تبوأه سوى الموت (من الكرسي إلى القبر)، فالذين يتشبثون بمواقعهم ويقفون ضد التجديد إنما هم يجمدون الزمن ويعملون ضد سنة الله في الكون، فالتجديد في كل مجالات الحياة ضرورة من ضرورات الحياة، وعندما نعمل ضد التجديد إنما نعمل على إعاقة الزمن ونعيش مع الزمن الماضي يصعب معه اللحاق بركب الدول التي احترمت نفسها فارتقت بشعوبها ومجتمعاتها ، كونها استفادت من خبرة الماضي وتجدد الحاضر وتتطلع إلى مستقبل أفضل رغم ما حققته..
نحن لا نعترف بأخطائنا ولا نعمل على تربية قادة من بين الأجيال التي خَلْفنا خوفا من أن نفقد مواقعنا لأننا لا نؤمن بسنة التغيير والتجديد، بل نعمل على استنساخ اتباع لا يجرؤون على التفكير المستقل وليسوا مؤهلين لأن يتخذوا قرارات حتى في إقامة رحلة خاصة بدون الاستئذان والتوجيه، (ولكن على قاعدة اغمض عينيك واتبعني)، فانْعَدَم القادة والمبدعون في مجتمعنا وكثرت الصور الكرتونية والمستنسخة، بسبب أنانية الكبار واستحواذهم على كل شيء، لذلك لا نستغرب ولا نتفاجأ من الصدمات والكوارث المتلاحقة التي تصيبنا في مقتل، وما ينتظرنا أكثر قتامة وكارثية مالم نعيد حساباتنا في كل شيء ونتخلى عن الأبوية في المسئولية العامة ونؤمن بالتجديد ونزرع الثقة بالنفس لدى الصفوف التي خلفنا ونهيئهم لأن يحلوا مكاننا بهدوء وتدرج، ونستفيد من تجارب الآخرين ونأخذ بأحسنها، على أن يكون هذا الإيمان في حتمية التغيير عميقا في النفوس لأنه سنة الله في الكون، حتى لا نصاب بالحرص الأحمق الذي مردوده كارثي علينا وعلى مجتمعنا، ولله در القائل:
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به .. فإنه أحمق بالحرص ينتحر.
محمد مقبل الحميري
الوقوف ضد سنة التجديد نتائجه كارثية 1586