هناك علاقة وطيدة جداً بين الأرض والإنسان، فكل أحلام الإنسان وطموحاته لا تحقق إلا حين يتحقق الاستقرار ويعم الأمن والسلام..
إن هذه العلاقة تشبه تماماً علاقة الخيط بالإبرة، فاهتزازها يعني استحالة دخول الخيط فيها. فالأرض هي البساط الذي يحمل الإنسان على ظهره ليطوف به أرجاء الدنيا، عبرها فقط تحدث دورة الحياة التي هيأ الله الخلق من أجل حدوثها. منها خُلق الإنسان وإليها يعود لأنه مخلوق من مادتها ومكيفُ للتفاعل مع كافة عناصرها وهذا يصبح أكثر وضوحاً إذا قرأنا حول علم الاجتماع الريفي والحضري، حيث سنكتشف كيف يختلف إنسان الريف عن إنسان المدينة ويتكيف مع إمكانات وطقس وتضاريس بيئته حتى يتحول هذا التكيف إلى أنماط سلوكية مختلفة من مكانٍ إلى آخر، الأرض هي مصدر الغذاء والمعلم الأول لاستلهام فلسفة الجمال اللامحدود، هي الكتاب الحي والطبيعي الذي يخاطب كل حواس البشر في آنٍ واحد، وقبل أن يخلق الله الإنسان هيأ له كل سُبل العيش فيها مستفيداً من شفرة ربانية ثابتة وذكية تستمر طاقات الإنسان الفكرية والعضلية لتحقيق هدف البناء والاستخلاف في الأرض، من قسوة الصخرة استلهم الإنسان جوهر إرادته وتعلم تحت أفكاره وأطروحاته ورؤاه وكأنه يكتب بأشجار الأرض ويمحو أخطاءه بسحاب السماء، كأنه حين ينثر جواهر قصائده يعصر المُزن في كؤوس البحار والمحيطات.. علاقة حب ودفء وسلام. فالأرض هي الهوية والتاريخ والتراث والأثر الذي لا تمحوهُ عوامل التعرية.. لذا نصل إلى درجة العشق والهيام والغرام والوله ودرجات الحب كلها حين يتعلق الأمر بالوطن، لدرجة أن نرى في الموت لأجله أقل هديةٍ يمكن أن نقدمها في أعياد التمرد وكسر حواجز الخوف والخروج عن سلطة القرار.. الأرض هي الوطن، لذا نحب الأرض كما تحبنا هي حين تنعكس على تضاريسها ملامح وجوهنا وبصمات أصابعنا وآثار أقدامنا وتلك العصى التي نتكئ عليها من أبنائنا، الأرض رمز الحب والسلام لذا تعشق الشعوب أوطانها، ولذا تعشق الأوطان شعوبها..
ألطاف الأهدل
الأرض والإنسان، الحُب والسلام!! 1185