لم يعد في واقعنا اليوم سوى الهدم والتحريض لخراب البلاد وتشويه إنسانية الإنسان اليمني بالغل والضغائن والموبقات من كافة الأطراف السياسية المشاركة بتشييع نعش وطن ذبيح, وبات من الضروري جداً أن يتم التعاطي مع قضايا ومصالح البلاد والعباد بشكل مغاير جداً بعيداً عن مبادئ الهدم هذه, مبادئ تدخل في نطاق العمل ونبذ لغة الأنا والولوج لمرحلة من البناء وتأسيس دولة حقيقية بعيدة عن قيم الهنجمة والعنجهية والارتزاق وعقليات قبلية ومشيخية وجهوية لا ترى مصالحاً إلا في خلط الحابل بالنابل واستغلال الوضع العبثي لمصلحتها المقيتة.
لن نخرج من قمم العبث هذا إلا بدولة بمعنى الكلمة تفرض قوتها وهيبتها على الجميع, دولة يلتزم أبناؤها بالنظام والدساتير, بالقانون والعدالة وإنسانية الإنسان اليمني قبل كل شيء, وحقه في الكرامة والعدالة والمساواة.
لا نريد دولة على الورق وفي الأدراج وعلى شاشات التلفزيون فقط بينما الواقع كله غثاء وموت على الأرصفة , لا نريد دولة تخشى من المجرمين وتعاقب الضحايا والضعفاء, لا نريد قانوناً مطوياً تحت أحزمة الجنابي ومرصوفا على الرفوف..
اعتقد أنه قد آن الأوان أن نتخطى مفاهيم سيّرتنا لعقود مضت وأن نتجاوزها لمفاهيم الدولة الحقيقية.. لقد اعتمدنا وعلى مدار عقود على الصيت والحسب وقاعدة خبط الصدور وان (لكل وجه كرامة) في تسيير كل أمورنا سواء الاجتماعية والعملية والسياسية وابتعدنا عن مبادئ مهمة كالإبداع والأولوية والكوادر والمؤهلات وبالتالي أقصيت العقول المتعلمة عن عمد , فكانت النتيجة الحتمية الفشل وطغيان سرطان الجهل القاتل وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن الغالي, وبقى الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب وسرنا بمبادئ كالهوشلية والصنمية والشللية وأصبح مال الدولة (سايب) وعلّم كل من هب ودب السرقة والنهب ,خرجنا عن نطاق الدولة الحقيقية والبلد المتحضر وتأخرنا آلاف السنوات الضوئية .
ولكل ذلك, وكمسئولية وطنية وتاريخية, صار لزاما على مسئولي هذا الوطن وسياسيه بمن فيهم رئيس الجمهورية, رد الاعتبار لهذا الوطن المُغيب منذ عقود, صار لزاما عليهم جميعا أن يعيدوا لنا وطنا نهبه التخلف والجل ونهبته الأطماع منذ زمن ولا نريده أن يظل منهوبا لزمن لاحق كي لا تحل لعنة التاريخ عليهم وعلينا جميعا.
كم نرجو ونتمنى من صميم أرواحنا كشعب مقهور أن تتغير مفاهيم بناء الدولة وأن يلتفت الفرقاء السياسيون لأوضاع بلدنا بشكل صحيح ويبدأ منطق البناء الحقيقي في تحريض النفوس على بناء بلدنا النائية من كل شيء إلا من نكهة الدم والخلاف والصراع والموت والظلام والجوع والعطش والجور والإقصاء .
هل يرضيكم هذا الحال ومتى ستنصفون هذا البلد المظلوم معكم طيلة عقود ومتى سيكون معنا وطن نفاخر به وليس وطناً لحرائق الموت ولبارود الضياع؟..
فقد آن الأوان كي بصبح معنا دولة حقيقة وليست دولة صورية فقط على أروقة الورق والكلمات.
سمية الفقيه
هل آن الأوان ليصبح لدينا وطن؟ 1280