عندما لا يكون للكلام فائدة على الواقع ، وربما يصبح ضره أكثر من نفعه ، وعندما يُلبس الحق بالباطل، ويصبح الكلام نوعاً من المكايدة وإضافة جراح إلى جراحاتنا، وعندما يوسع الكلام الهوة بين المتخاصمين مهما كان صِدْقاً، وعندما تصنف الأقوال بسوء الظن مهما كانت النوايا حسنة، وعندما تصبح ثقافة المجتمع على قاعدة " كذاب ربيعة ولا صادق مضر" وكل طرف يتعصب لرأيه مهما كان خاطئاً، ويرفض رأي الآخر مهما كان مصيباً.. عندها يكون الصمت أبلغ من الكلام، بل يصبح الصمت عبادة واجبة وسلوكاً وطنياً حميداً.
ولأن كل ما تقدم من وصف ينطبق على واقع حياتنا وقلبي يتقطع ألماً على وطني والأحداث المتسارعة التي تجرى على ساحته ، والشقاق الذي يتوسع بين قادته، واصبح النصح في هذه الأجواء لا يجدي وكل كلمة تصنف أنها مع فلان ضد علان، وليس من اجل الوطن، الذي اصبح مغيباً من قِبل الجميع، واختزل معناه بحجم هذه الفئة أو تلك، فضاقت الأرض على كل الأطراف بما رحُبت، وكل طرف يرى أنها لا تتسع إلا له، واصبح كل حزب أو جماعة بما لديهم فرحون.. وصلتُ إلى قناعة أن التوقف عن الحديث أو الكتابة- ولو لفترة قصيرة- نوعٌ من العبادة لمراجعة النفس والتضرع إلى الله؛ أن يكشف الغُمة ويصلح الأمة ويوحد الكلمة، فعقدت الصيام عن الحديث والنشر مؤقتاً, مسترشداً بقول الحق سبحانه" إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا" صدق الله العظيم..
محمد مقبل الحميري
سأصمت ولو إلى حين عبادةً لله 1297