بينما يتخلص ثلاثة أرباع العالم من أمراض باطنية شائعة، تبقى اليمن على قائمة الأوطان الأكثر بطئاً في القضاء عليها، والأكبر في عدد الإصابات والوفيات الناتجة عن الإصابة بها.
ومن الطبيعي أن نقول إن عدم وجود بنية تنموية صحية جيدة قد يتسبب في حدوث ذلك لكن الأفضل الاعتراف بأن سلوكيات خاطئة قد تحولت إلى عادات سيئة يمارسها الناس يوميا دون وعي بنتائجها الكارثية ليس على مستوى الصحة الجسدية للفرد فقط بل على المستوى الاجتماعي بشكل عام حيث يمكن ان تشكل هذه الممارسات الخاطئة خطراً على الصحة البيئية بشكل كبير جدا.. ومن تلك الممارسات القاتلة بتعبير أكثر دقة: بقاء مياه الصرف الصحي مكشوفة في الأرياف والمدن على حدة سواء رغم اختلاف نسبة ذلك إذا اعتمدنا التخطيط الحضري كمقياس لإلغائها أو تنظيمها.
كذلك بقاء المخلفات الصلبة للإنسان مكشوفة يسبب مشكلة التبرز في العراء، عدم غسل اليدين في الأوقات الحرجة بعد دخول الحمام وقبل تناول الطعام، تلوث المياه النقية بسبب قربها من مياه الصرف الصحي أو تلوثها عبر الحيوانات والرياح على سبيل المثال.
إن أسباب تفشي الأمراض الباطنية والحمية الشائعة هي عادات وسلوكيات يفتعلها الإنسان بوعي وبغير وعي في أغلب الأحيان ولهذا تبنت منظمة اليونسيف برنامجا واسعا حول الإصحاح البيئي يتضمن مشاريع عديدة تهدف إلى خلق الدافع القوي لدى المستفيدين منها ( أي من تلك المشاريع) لتحسين أنماطهم السلوكية وتحويلها إلى عادات إيجابية.. وتعد مثل هذه المشاريع مساهمة من اليونيسف في خلق استدامة وتنمية خدمات الإصحاح البيئي في اليمن.
وتعد تلك الأمراض الشائعة مثل ( الإسهال، الكوليرا، الزحار، التيفوئيد، التهاب الكبد البائي، البلهارسيا، الديدان المعوية) تعد أمراضاً مستوطنة في اليمن. واذا علمنا أن 40% من أطفال اليمن إن لم يكن أكثر مصابون بسوء التغذية و15% منهم مصابون بالهزال فلا عجب أن تكون نسبة المتوفين منهم بسبب الأمراض سالفة الذكر تصل إلى 11% ونسبة كهذه جديرة بأن تدفع بالتوجهات المحلية حكومية أو مجتمعية إلى إعادة تشكيل الأسس والمبادئ المتبعة في رسم خططها التنموية وتوجهاتها الإنمائية وبما يخرجها من دائرة النقد والحرج.. حيث من الملحوظ ذلك القصور الذي تبدو عليه مشاريع البنية التحتية الخاصة بالإصحاح البيئي على مستوى الريف والمدن على حدٍ سواء وما يشوبها من ملابسات تعوق من ظهورها على ارض الواقع لصالح أشخاص أو فئات أو مشاريع أخرى اقل أهمية.
إن اليونيسف من المنظمات الرائدة في تحسين وتهيئة الواقع الإنساني من اجل خدمة المجتمع اليوم وغدا، وينبغي الأخذ بعين الاعتبار لتلك المشاريع الإنسانية التي توليها هذه المنظمة جلّ اهتمامها سواءً في حالة السلم أو الحرب.
ألطاف الأهدل
لماذا تتفشى مثل هذه الأمراض؟! 1366