ما أكثر التطاول في مجتمعنا، وما اكثر الجرأة فيه، هي قد لا تصل إلى درجة الهتك إلا في حالات نادرة، لكنها تخدش الحياة وتكسر حاجز الثقة بمنظومة العادات والتقاليد، وتدعو لمراجعة النفس حول ثوابت توشك ان تنهار، فما السبب؟ ولماذا اصبح المجتمع بعيداً عن عادات وتقاليد رصينة ربما رآها البعض بائدة أو رجعية لكنها كانت ولا زالت حزام أمان بالنسبة للمرأة وكخط أحمر لا يمكن تجاوزه؛ إذ لا يزال في المجتمع من يرى في هذا المخلوق الناعم الضعيف مصدر قوة ورخاء للمجتمع بأسره. فقد جعل الله في ضعفها قوة وفي نعومتها عزيمة جبارة يستمدها منها الرجل في شخص زوج أو ابن أو أخ. لكن بمقابل ذلك يحاول البعض ان يشوه جمال هذا الواقع الذي يعطي للمرأة في اليمن مساحة من الاحترام والخصوصية.
ولعلي أخص بكلامي بعض المنظِّرين والمحللين الاجتماعيين الذين شطحوا بتفكيرهم إلى ابعد من المستوى المنهجي المطلوب في السياق العلمي والبحثي لأنماط المجتمعات المتحضرة والأقل حضارة. فالمرأة في مجتمعنا اليمني ركن من أركان الحضارة والتقدم والرقي الذي لا يعني الذوبان في ثقافة الآخرين والامتزاج الكامل معها، وإنما يعني التميز والظهور ضمن اطار أخلاقي وإنساني مختلف نادت شعوب أخرى به بعد ان تبين لها ما تصنعه الحضارة وما يفعله الانفتاح بالمرأة كمخلوق ذي قدرات وجدانية وجسدية خاصة. اشعر بالفخر لأني لازلت امرأة ضمن مجتمع كهذا، ولكنني اشعر بالحزن أيضا حين يصل التطاول والجرأة إلى وضع المرأة تحت مجهر الانجراف والتحدث باسمها ونيابة عنها في محافل الإعلام وغير الإعلام وكأنها مخلوق قاصر محدود الفهم، عديم الإدراك.
فمن المؤسف ونحن من الشعوب المحافظة ان يوجد مثقفونا هذه الهوة بين ما هو كائن فعلاً وما يجب ان يكون وفق أسس بعيدة عن ديننا ومنظومتنا الأخلاقية المحلية.
ولو أنني خيرت يوماً بين أن أكون تلك المرأة البسيطة والأم الحانية التي تجد في بيتها وتربية أبنائها جلّ سعادتها وبين تلك المرأة العاملة والكاتبة المعروفة والناشطة في مجال الطفولة لاخترت الأولى عن الثانية.
فخلف أبواب منازلنا عالمٌ آخر يختلف عن هذا العالم الذي يبدأ كل صباح برصاصة ثقافية طائشة وينتهي كل مساء بحزام أخلاقي ناسف.. إنها الحياة.
ألطاف الأهدل
فقط لأنني امرأة!! 1416