تصريحات لا مسؤولة وخطابات غامضة وكلمات مشفَّرة وتسفيه للرأي الآخر بل وجُرأة في إلغاء وجود الآخر.. هذه تفاصيل المشهد كما نراها ويراها آخرون على مسرحنا السياسي داخل الوطن وخارجه.
وإذاً ووفق هذه الآلية الضحلة للتعبير عن الرأي فكيف يمكن أن نبني وطناً يسكنه الكبار والصغار، الرجال والنساء، الضعفاء والأقوياء؟
إن الأوطان لا تُبنَى إلا بوجود ذلك المزيج المتجانس من الآراء والأفكار ووجهات النظر التي وإن تصادمت في نقطةٍ ما إلا أنها تعود إلى التشابك في أكثر من نقطة لصالح الوطن مع ملاحظة أن كل نقطة خلاف بين الفرقاء السياسيين في الوقت الحالي تؤجل نقاط التقاء كثيرة يمكن أن تتضمن حلولاً دقيقة لازمة الوطن.
ولعلَّ هذه المشهد التراجيدي أغفل تفاصيل كثيرة كان يمكن لها أيضا أن تسند توجُّه القرار لصالح الوطن, من تلك التفاصيل مثلاً قضية الرأي العام الذي أصبح صوتاً غير مسموع بالنسبة للسياسيين, فهم ينظرون ويقررون وينفذون في منأى عن رأي الشعب، وليس المقصود بهذا أن يتم الاستفتاء حول قضايا الوطن الجوهرية والمحورية وإنما يجب أن تنظر الحكومة بعين الاعتبار إلى من يمثل الشعب وما يحملونه من توجهات وآراء ستخدم مسار العملية السياسية بلا أدنى شك.. لكن يبدو أنه كنتيجة للتعصب والالتفاف حول الآراء الفردية التي يطرحها البعض ويحشد لها من يحميها حتى لو لم يكن لها من الأهمية إلا القليل فقط لا يأخذ أصحاب القرار الأمر على محمل الجد.
إن التعصب الأعمى وحشد الآراء الضالة حوله ثم مناصرة هذه الآراء عبر اتِّباع آليات عنيفة وفوضوية تثير قلق المجتمع وتنزع ما تبقى من ثقته بحكومته.. مثل هذه العقليات التي تجازف بتاريخ الشعوب ومواقفها النضالية وتتجاهل قدرتها على تحريك مسار القرار السياسي فيها، هي عقليات رثه، باليه، لا يستفيد من وجودها إلا الخصوم والمتربصون بأمن وسلامة الوطن وهم بكل اسف كثيرون ومستعدون للتكاثر لأنهم مثل تلك النباتات المتسلقة أو الزاحفة التي تنبت حتى على ضفاف البِرَك والمستنقعات وبهذه العقليات المفروضة علينا وما تحمله من تجاوزات لن تستطيع بناء وطن كالذي ننشده ونحلم به، لهذا يجب أن نرفع" قف" أمام هؤلاء المتسلقين الانتهازيين.
ألطاف الأهدل
كيف نبني وطناً بمثل هذه العقليات؟ 1380