ندرك أن اتفاق السلم والشراكة كان غطاءً سياسياً لانقلاب مسلح دون أن يسقط النظام ..أراد المتآمرون أن يكون هذا الاتفاق عصا لتأديب الطرف السياسي الذي كان متوقعاً أن يواجه الحوثيين في العاصمة صنعاء ..أراد الرئيس هادي أن يتخلص من القوى التي يرى أنها يجب أن تتصارع ؛ فاستعان بقوة الحوثيين لتصريف الطرف الذي يخشاه "اللواء الأحمر وحزب الإصلاح " أراد من ذلك أن يبني سلطته بالتخلص من كليهما أو اجتزاء سلطته من قوة الأطراف المتصارعة ..وعلى ما يبدو لم يفلح الرئيس هادي رغم التسهيلات التي قدمها للحوثيين .. تحالف علي عبدالله صالح مع الحوثيين ليكونوا قوة لا تخضع للرئيس هادي وتتمرد على قوة الدولة التي أهانها هادي.. المتحالفون أداروا اللعبة بطريقة عسكرية وأمنية للسيطرة والتوسع جعلت المتابعين للمشهد اليمني ينبهرون ويضعون علامة استفهام حول موقف ودور الرئيس هادي..
نعود إلى اتفاق السلم والشراكة فهو رغم انه قد ألغى الألية التنفيذية للمبادرة الخليجية وتعمد الإفراغ الحقيقي لمخرجات الحوار الوطني كحد ادنى في الظرف الذي رافق صياغتها.. فيما تفرض جماعة الحوثيين المسلحة وعلي صالح واقعاً مخالفاً على الأرض (لا سلم ولا شراكة)..رفعت الدولة ذراعيها مفسحة المجال للتمدد الحوثي الصالحي عسكرياً، حروب تجرى في البيضاء والسيطرة على الحديدة وتمدد في ذمار وإب وغيرها من المناطق.
لم يأتِ اتفاق السلم والشراكة بحل استراتيجي وآلية مزمنة وتُرك امر التفاصيل و التزمين رهن قوة الدولة التي سلمها هادي للحوثيين ،رغم ما اقترفه هذ الاتفاق من جُرم في المجال السياسي إلا أن الواقع المفروض من قبل جماعة الحوثيين المسلحة قد افرغه من محتواه وصادر جدوى صلاحيته لتعزيز السلم والشراكة أو الحفاظ على كيان الدولة.. ويمكن القول إن تشكيل الحكومة يعتبر احد نقاط النجاح رغم رفض الحوثيين وحزب المؤتمر الذي يسيطر على قراره علي عبدالله صالح لها ..فيما يعزو البعض أن المؤتمر رفضها كون الرئيس هادي اقصى صالح منها ولم يعطه إلى وزير دولة اعتذر عن القبول لاحقاً. وحتى الآن لازال أداء الوزراء في الحكومة تحت ضغط المسلحين الحوثيين وقد شنت حملة مداهمة وإغلاق لمكاتب الوزراء ونهب للأختام..
توازى تشكيل الحكومة مع حروب تشنها جماعة الحوثيين المسلحة بالتعاون مع صالح في البيضاء تحت مبرر مواجهة القاعدة محاولةً لفت نظر أمريكا إلى أنها القوة الكفيلة بردع تنظيم القاعدة.. اتسعت دائرة الحرب وتم ضرب قبائل لا علاقة لها بالقاعدة بالطيران الحربي اليمني وطائرات الدرونز الأمريكية لمساعدة الحوثيين في التمدد والسيطرة.
سياسياً حاول الحوثيون التماهي مع حزب المؤتمر في كثير من المواقف وخرجوا في مظاهرات مشتركة للتعبير عن رفضهم للعقوبات بحق علي صالح وقيادات من جماعة الحوثيين.
وفي سياق آخر بات الكثير يسأل ما الأسباب التي عرقلت الحوثيين من حسم الوضع في اليمن سياسياً وعسكريا؟.
باعتقادي أن ثمة أسباباً سياسية عرقلت الحوثيين وعلي صالح من الاتجاه نحو الحسم العسكري وتشكيل مجلس عسكري.. منها تشكيل الحكومة وما نالته من ترحيب ورضى إقليمي ودولي.
أيضاً تجنُب حزب الإصلاح المواجهة العسكرية مع جماعة الحوثيين المسلحة رغم ما قامت به الجماعة من اقتحام ونهب لمقراته واقتحام ونهب والاستيلاء على مؤسساته التعليمية والتربوية واعتقال واختطاف لبعض أعضائه.. وإنما كرس الإصلاح سلميته و مدنيته كونه حزباً سياسياً واتجه لمطالبة الجماعة بتسليم مقراته والخروج منها وتسليم مؤسساته والكف عن اعتقال ومضايقة أعضائه.
ثالثاً: العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن والتي تضمنت المنع من السفر وتجميد الأرصدة بحق علي عبدالله صالح وشقيق زعيم الحوثيين وقائد لجانه الشعبية أبو علي الحاكم.. فقد وجهت رساله لكليهما(صالح والحوثي ) أن يتوقفوا أو أن يضعوا نقطة محورية لأهدافهم ،وربما سيكون لنا موقف آخر تجاه سيطرتكم العسكرية المليشاوية.
أيضاً تنازع المشاريع الإقليمية والدولية حول اليمن تمكنوا من الاتفاق حول السيناريو الأول سيناريو إقصاء قوى الثورة وتوجيه صفعه لها وتمكين الحوثيين وصالح من السيطرة العسكرية لكنهم لم يتفقوا بعد حصة تقسيم المصلحة بعد تحقق إسقاط صنعاء وعلى ضوء ذلك تجرى مشاورات في واشطن بمشاركة ايران عبر حليفها "الحوثيين والسعودية" عبر حليفها صالح وأمريكا عبر حليفها الرئيس هادي وسط تكتم شديد حول ما الذي يتفاوضون حوله؟ ..ولكن قد تتضمن تجنيب الحوثيين وصالح الصراع السياسي والعسكري خاصة نتيجة لتناقض التوجهات والهيمنة والروح الاستئصالية واختلاف مشاريعهم الاستراتيجية ،وقد يحسم التفاوض مستقبل الرئيس هادي بعد أن اصبح هدفاً لكلٍ الحوثيين وصالح .
وفي نفس المحاولة لإعادة تطبيع وضع جديد في اليمن يسعى اللاعبون لإخراج مبادرة خليجية جديدة تقوم بها سلطنة عمان والتي تحظى بعلاقة جيدة مع ايران.. وهذه الاتصالات المكثفة تجريها سلطنة عُمان مع الحوثيين والحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي اليمني من أجل القبول بمبادرة خليجية ثانية.
وبحسب المسؤول فإن الحوثيين ومكون الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي ومكونات سياسية أخرى يشترطون أولاً، دولة فدرالية من إقليميين وإجراء استفتاء على الوحدة بعد عامين من تاريخ الاستفتاء على الدستور والالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار.
وثانياً: إجراء الاستفتاء على الدستور وانتخابات رئاسية تنافسية خلال فترة لا تزيد عن عام من تاريخ توقيع المبادرة (2) بما يكفل نقل سلس وديمقراطي للسلطة في اليمن.
وثالثاً: يصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قرار بتعيين نائب رئيس للجمهورية تنقل له صلاحيات مهام الرئيس خلال فترة الإعداد والتحضير للانتخابات الرئاسية يكون هادي مرشحاً من ثلاثة مرشحين للرئاسة.
أحمد الضحياني
اليمن..عراقيل حالت دون الحسم السياسي 1283