نشعر أن هناك في الكواليس محاولة للالتفاف على الأقاليم الستة ، والعودة الى إقليمين : شمالي وجنوبي ، وهذا ما نلاحظه من خلال حوارات الأستاذ/ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي ، بالإضافة إلى تصريحات لشخصيات جنوبية أخرى ، مثل هذا الأمر إذا تم بإقليمين ، إقليم شمالي عدد سكانه أكثر من عشرين مليون نسمة ، وإقليم جنوبي لا يزيد عدد سكانه عن ثلاثة ملايين نسمة ، وبعد خمس سنوات يتم الاستفتاء على بقاء الوحدة أو الانفصال ، مثل هذا الأمر إذا تم فإنه يعتبر خيانة للأرواح التي أُزهقت وللدماء التي سالت ظُلماً ، وضرباً للوحدة في عمودها الفقري، وتمايزاً في المواطنة، فهل سيرضى أبناء إقليم الجند بهذا الالتفاف الذي يستهدفهم بالدرجة الأولى كما يستهدف محافظات أخرى لإعادتها إلى بيت الطاعة وهيمنة المركز المقدس من جديد ؟ وبهذا سيكون ظلما مركَّباً ، في إطار الإقليمين ، وداخل كل إقليم ظلم داخلي.
أُقِّدرْ المظالم التي حلت بإخواننا بالمحافظات الجنوبية خلال عقدين، رغم أن بعض هذه المظالم منهم وفيهم ، ولكني أقول أننا في إقليم الجند ظُلمنا منذ قرون وحتى اليوم ، فلماذا هذا التمييز بين مظلوم ومظلوم؟ أليس من العدل أن نعمل جميعاً على تجاوز هذه المظالم وأن ننصف بعضنا ؛ حتى يشعر الجميع بأنهم يعيشون مواطَنة متساوية في دولة اتحادية من عدة أقاليم وفقاً لخصوصية كل إقليم؟.
إن هذا المشروع الذي يُدار في الكواليس يعتبر أيضاً التفافاً على مخرجات الحوار التي نتغنَّى بها، وعلى الأقاليم التي أقرتها اللجنة المفوضة بذلك وعلى توقيعات الشركاء الذين أقروها، وعلى القرار الجمهوري الذي صدر بتقسيم اليمن الى ستة أقاليم ، وخلاصة ذلك كلة يمثِّل استهتاراً بالشريحة العظمى التي يُراد تهميشها بموجب هذا المشروع الظالم إن تم لهم ما أرادوا ، وكما قلت إني أُقدِّر الحالة النفسية والمزاج المتعكر لدى إخواننا في المحافظات الجنوبية ، ولكني وأمثالي الملايين لا نقبل بأن تُحل قضيتهم على حساب إخوانهم في تعز وإب والحديدة والبيضاء ومأرب وذمار وريمة ... إلخ ، وإذا كانت الأقاليم الستة لا تناسبهم فلتبقَ اليمن ولايات بعدد محافظات الجمهورية الحالية، وكل ولاية تعطى كامل الصلاحية في إدارة شؤونها ومواردها غير السيادية، أما إذا وصلوا الى طريق مغلق ولا يريدون هذا ولا ذاك ، فإن الاستفتاء على الوحدة حالياً دون تأجيل لخمس سنوات ارحم من مشروعهم هذا ، وفي كل الأحوال فإننا لن نعود للمركزية السابقة حتى لو تم الانفصال لا قدَّر الله ، فالأقاليم أصبحت قدَرُنا.
أعتقد أن أبناء إقليم الجند لن يقبلوا بمثل هذا الاستخفاف ، فلا تحدث المستهترين أنفسهم أن مثل هذا الأمر سيتم لهم مالم ينصف الجميع، وتراعي الخصوصيات والتضحيات التي قُدِّمت ، فإقليم الجند أصبح أمراً واقعا ، وكذلك إقليم سبأ ، ومن تحدثهم انفسهم بنقض ذلك فإنهم واهمون ، فلا يستفزوا هذه الأقاليم باللامبالاة بهم وبمطالبهم وخصوصياتهم حتى لا تكون فتنة ويكون الوطن للجميع.
اللهم أرزقنا الإيمان والثقة بأنفسنا لننصف بعضنا في ربوع الوطن ، دون ظلم أو حيف لاحد.
*رئيس التكتل الوطني لأعيان تعز.
محمد مقبل الحميري
الالتفاف على الأقاليم الستة 1356