مدخل: بعد متابعتي للهجمة التي يتعرض لها الإصلاح فكرت بكتابة هذا..
(أيها الإصلاحيون: احفظوا حماسكم واعلموا أن الخصم يستغله, ولتكونوا أنتم أعلم من غيركم بكيفية النقد وإحداث التغيير لا أن يسيّركم خصومكم..)
منذ أن عرفتُ نفسي إصلاحيًا وأنا أستمع إلى الهجمات التي يتعرض لها هذا الحزب الشريف وأتألم وأخفي ذلك خلف ابتساماتي عندما يحدثني أحدهم عن الإصلاح بشكل غير لائق, إلا أنه ما كان يجعلني أنسى الألم بأن (معظم) من يتطاولون على هذا الحزب أجدهم فيما بعد لا يحملون من الأخلاق شيئا وأتذكر حالًا أسماءهم في ذاكرتي المتواضعة _ ليس قدحًا فيهم, لكنني حقيقة واجهتها أكثر من مرة.. شارك الإصلاح كفصيل سياسي يمني في الوحدة كما شارك المؤتمر والناصري والمواطنين العاديين, فلم يختر (التُّجار) سوى الإصلاح للنيل منه ومحاولة تشويه سمعته الطيبة, بعدها دخلت بعض الأحزاب في تكتل (اللقاء المشترك), وكالعادة لم يتم النيل من أي حزب مشارك في التكتل سوى الإصلاح, فتارة يتهمه البعض بالتحالف مع الحزب الاشتراكي الشيوعي الذي كان شعاره (لا إله والحياة مادة ) وتارة يحاولون استفزاز أعضاءه بالقول: تحالفكم مع التنظيم الناصري هي خيانة لسيد قطب الذي أيّد الناصريون إعدامه على يد الدكتاتور جمال عبدالناصر, وكأن سيد قطب هو ولي نعمة الإصلاحيين في اليمن.. توالت الأحداث واستشهد الزعيم الاشتراكي "جار الله عمر" في افتتاحية مؤتمر الإصلاح العام بعد إنشاء تكتل اللقاء المشترك, فسارع البعض وفي مقدمتهم النظام السابق لاتهام الإصلاح بقتله حتى أن أحد الاشتراكيين يحدّث أخي الأكبر: يومها وبعد سماعي للأخبار هرعت فاقدًا للشعور إلى مركزية الحزب وقلت لهم: سلِّحونا سنخرج لمقاتلة الإصلاح والزنداني, وكنت في أعلى مراتب الغضب فرد عليّ أحد القادة: انتظروا الموضوع فيه مؤامرة, يريدون إشعال الفتنة بيننا وبين حزب الإصلاح بسبب تكتل اللقاء المشترك.. صمد الإصلاحيون وتحملوا كل الصعاب ولم يضعفوا أمام أي عقبة ولم يعلنوا أبدًا عن الوجع الذي تعرضوا له في كل محافظة وقرية وحارة ومدرسة في هذا الوطن, وما زلت أتذكر حتى الآن: إنزال الأستاذ "نبيل هارب" من فوق السيارة بالقوة والاعتداء عليه أمام عيني وسرقة جهاز الصوت الذي كان فوق السيارة أثناء تجوالنا والإعلان عن مهرجان سيحضره الراحل: "فيصل بن شملان" بعد مرور أحد مشائخ تعز أمام السيارة وأمره لمرافقيه بإنزال كل من فوق السيارة واعتقالهم, ويبدو بأن ذلك اليوم كنت فيه محظوظًا وقد دعت أمي الحبيبة لي كثيرًا في ذلكم اليوم, فقد نزلت من فوق السيارة متخفيًا ولم يراني أحد مرافقي (الشيخ) الذي كان يطلق عليه "شهاب" ابن عمتي اسم (دامر) بعد أن دعاه ذات ليل إلى العمل معه في دكانه ووعده بالحضور وما إن أتى وقت الموعد حتى قال له: معي عمل ثاني, أشتغل بال (دامر) أي الإسفلت, وكنت حينها في الصف التاسع.. بعد ذلك كان الإصلاحيون يعيشون حراكا ضد الفساد والظلم وكانت تخرج مسيراتهم برفقة تكتل (المشترك) وكانوا يقيمون الاعتصامات والمسيرات المطالبة بالتغيير, أتذكر حينها تم اعتقال الأستاذ الشاعر: نجيب القرن حينما كان عضوًا قياديًا في التجمع اليمني للإصلاح بسبب بعض قصائده التي كانت تنتقد (الشيخ) والنظام.. أتت بعدها ثورة الشباب الشعبية السلمية وشارك فيها الإصلاح مع شركائه, ومع أن الجميع خرج في الثورة إلا أن الهدف كان الإصلاح وحيدًا, حيث كان إعلام الرئيس السابق (صالح) يقدح في الإصلاح فقط ويتهمه بتحريض الشباب وتعرّض الإصلاح حينها لمحاولة التشويه كذلك حتى من بعض (جهلة) رفاقه.. أتت المبادرة وتم الاتفاق على الحصانة ووقّعت عليها كافة الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب (صالح) (المُفرّخَة), ولم يتم انتقاد وسب أحدًا بسبب توقيع المبادرة سوى الإصلاح.. اتُهم الإصلاح بأنه خان الوطن والثورة بسبب التوقيع على المبادرة وكأن الإصلاح هو الوحيد الذي ذهب إلى الرياض للتوقيع, والأقبح من ذلكم أن بعض رفاق النضال شاركوا في هذه الحملة وكأن أحزابهم لم تشارك في التوقيع, بل وذهبوا للتآمر على الإصلاح من خلال التحالف مع القوى الرجعية والتقليدية (الدينية) والتي كانوا يسبونها _سابقًا _ ظانين أن الإصلاح هو قوة رجعية دينية وضاربين عرض الحائط بأنه حزب سياسي مدني.. أتت الانتخابات الرئاسية ووافقت عليها القوى السياسية الموجودة على الأرض بما فيها حزب (صالح) المؤتمر, ليخرج بعض الشباب المتحزبين ويتهمون الإصلاح بأنه هو الوحيد الذي يدعم ترشيح هادي وأتذكر حينها أتى أحد شباب الاشتراكي الذي كان يوهمنا بأنه (مستقل) الانتماء الحزبي السياسي وكان بجانبه آخر (مُسلَّح) وكان الوقت بعد صلاة العشاء فقال لي الرفيق: أنتم الإصلاحيين تستاهلوا بهذا (البندق), فقام رفيقه الآخر بشحن (البندق) باتجاهي دون رفعه إلى السماء أثناء الشحن, وكنت حينها برفقة رفيق دربي "فواز الجمهوري" فقال لهم فواز: على ...... بعدها وعندما رأوا صمودنا وجديتنا عادوا للضحك وبصورة غير طبيعية.. بعد ذلكم أتى مؤتمر الحوار واحتشد فيه الجميع بما فيهم الرافضون للتسوية في اليمن والرافضين للمبادرة من القوى بعد أن تعرّض الإصلاحيون لأبشع أنواع السب والشتم والتشويه وبعد أن تحالف الجميع ضده وظل وحيدًا يتلقى الضربات حتى من أقاربه في المشترك كان الإصلاح كذلك في واجهة المتهمين بالعمالة لقطر وتركيا ومع أن الكل يعرف الاختلاف السياسي بين الإصلاح (الإخوان المسلمين) والسعودية إلا أن البعض صدّق كذباته ليُتهم الإصلاح بالعمالة لنظام آل سعود البائد والحزب ما زال صامدًا بفضل الله ثم قاعدته المتينة.. أتى يوم تنصيب هادي لرئاسة الجمهورية واحتشدت الأحزاب في عدن بحضور عدد من الوزراء والسياسيين وعلى رأسهم الوزير الاشتراكي "واعد باذيب" إلا أن حضور قيادات اشتراكية ومؤتمرية لم يغفر للإصلاح ولم يشفع له بالبراءة وكان هو المتهم الوحيد بالعمالة ضد الجنوب وتم إحراق مقراته في المحافظات (اليمنية) الجنوبية واستهداف العديد من أعضائه ومحاولة تصفيتهم.. توالت الأيام وبدأ الهاجس يداعب صالح بالنيل من خصومه ولا خصوم له سوى الإصلاح باعتقاده, فبدأ بتحريك ورقة الحوثي, وأدخله في ثارات ابتداًء من دماج ومن ثم عمران والجوف وصنعاء وصولًا إلى إب ولم يتم استهداف أحد بعد الدولة سوى الإصلاح ومقراته وأعضاءه وقياداته وكل من له علاقة بهذا الحزب (المظلوم)..
كل هذه الأحداث كفيلة بإسقاط دولة ذات نظام قوي ناهيك عن إسقاط حزب سياسي يعتبره البعض مجرد (لوبي) مصالح لولا أنه أثبت لهم عكس ذلك.. بعد كل هذا أرسل الإصلاح وفدا رسميا للالتقاء بزعيم جماعة الحوثي للاتفاق على بعض النقاط إلا أن الخصوم الذين تحالفوا بالأمس _وما زالوا_ (سرًا) مع الحوثي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها, ولم يتوار أعضاؤهم عن إشاعة انقسام الإصلاح إلى جناح (هاشمي) وجناح (مدني) محاولين إحداث شرخ في هذه (القوة) المدنية التي فشلت (أنظمة) في تفكيكها بفضل الله ثم أنتم أيها الإصلاحيون الأقوياء بمبادئكم وثباتكم وإخلاصكم.. صحيح بأنه كان على الإصلاح أن يُقدِم على مثل هذه الخطوة من قبل وأن يتواصل مع كل الجهات ولا يُكثر من خصومه وأن لا يفرط بقطرة دم واحدة, إلا أننا لابد أن نؤمن بأن الإصلاح ليس معصومًا وتصرفات قادته قابلة للخطأ وعلينا تصويبها.. علينا كإصلاحيين اليوم أن لا نستجيب لإشاعات خصوم الحزب وأن نفوّت عليهم فرصة استغلال حماسنا وأن نعلمهم دروس في الحرية والصمود من خلال نقد القيادة بطريقة حضارية وإحداث تغيير إلى الأحسن وتقديم وجهات النظر من خلال زيارات مؤسسات الحزب بما فيها الأمانة العامة وتقديم كل وجهات النظر بدلًا من المكوث في التخوين والكلام الذي لا فائدة منه وفتح ثغرة يعمل على توسعها الخصم , وفي المقابل على قيادة الإصلاح أن تسمع من أعضائها وتلتزم التواصل معه ولا تجعلهم في فراغ سياسي وأن تكون خطواتها واضحة حتى تكون على تواصل مستمر مع قاعدة الحزب التي هي رأس ماله وهي سر نجاحه, فالتطنيش والانقطاع يولّد الفراغ والفراغ قاتل.. لنعلنها وبصوت عالٍ: الإصلاح حزبنا, ونحن نعرف كيف ننقده ونغيّر فيه , ولسنا بحاجة أحد أن يعلمنا أصول النقد بحجة أننا لا نفهم..
صدام الحريبي
الإصلاح....!! 1372