الملاحظ في بلداننا وبدلا من أن يذهب المريض لعلاج مرض محدد يعاني منه إذا به يعود إلى منزله بأمراض عديدة وربما عاهات مختلفة إن لم تكن مميتة على أيدي من يُسمون أنفسهم ملائكة الرحمة، عفوا (ملائكة العذاب والموت)، وذلك بسبب عدم التزام بعض الأطباء بآداب المهنة وشروطها وعدم التزامهم بالمواصفات والمعايير المفروضة المطلوب توافرها في المنشئات الطبية وانتشار المصالح الشخصية والوساطات والمحسوبيات في الوسط الإداري الطبي كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى الاستهانة بالنفس البشرية، التي كرمها الله من فوق سبع سموات بقوله: (ولقد كرمنا بني آدم)، ودعا إلى حمايتها وعدم المساس بها وانزل اشد العقوبات لمن يعتدي عليها.. لكن الملاحظ ضعف الوازع الديني وانعدام الضمير الإنساني حيث أن مهنة الطب الهامة، لا نراها تتجه نحو الحرص الشديد على حياة الناس والإبداع المتميز والخبرة الذكية والمعلومات الوفيرة المواكبة للتطور التكنولوجي في تشخيص المريض ومعالجته، وإنما نراها تتجه نحو مزيد من الأخطاء الطبية، المفضية إلى العاهات المزمنة أو الموت؛ لاسيما وانك ترى الكثير من الأطباء لا يطور نفسه ولا يعمل على تنمية معلوماته والتعرف على كل جديد في الطب، ولا نستطيع أن نفرق أحياناً بينه وبين المريض إلا بالسماعة، التي يضعها حول رقبته أو اللباس الأبيض الذي يرتديه بعضهم أحياناً، وإلا فهو ربما يحمل نفس ملامح المريض، لأنه يدخن السجائر ويخزن القات وربما يشرب (الشمة) وهي نفس العادات السيئة المُمْرِضة، التي يتناولها المريض، كما في اليمن، وفي غير اليمن ترى الطبيب يمارس نفس العادات السيئة عدا القات فهو يمضغ بدلاً عنه (الجيرو أو غيره).. ولقد مرض احد أحباب قلبي وأقاربي (ع. ا. م. ن) وقرر له الطبيب عملية الزائدة الدودية وقد انتظرت في المستشفى لحظات قبل مجيء الطبيب، ولم أكن اعرفه من قبل، فكنت أتوقع شخصاً مميزاً في ملبسه وشكله وهندامه وحسن مظهره، لان الطبيب دائماً يكون مميزاً فهو يعرف أسباب الأمراض فيبتعد عنها، لكني وبعد طول انتظار فوجئت بشخص دخل باب المستشفى مخزن بتخزينة تملأ إحدى وجنتيه وتكاد أن تصل إلى تحت إحدى عينيه وربما تزن نصف كيلو فظننته حارساً لإحدى مزارع القات جاء مرافقاً لمريض في المستشفى، فسألت عن الطبيب الذي سيجري العملية فقيل لي هذا هو فاندهشت وقلت في نفسي إنها الكارثة فيارب اشفِ حبيبي واحفظه، وأُصِبْتُ حينها بقلق شديد وقلت لبعض الموجودين معي: هيا بنا ننقل المريض إلى مستشفى في مدينة أخرى كي نطمئن على حياته وسلامته ونجاح العملية فأصر الحاضرون على بقائه في نفس المستشفى لدى ذلك الطبيب، فلم يطب لي المقام بالبقاء والانتظار فغادرت المستشفى وكُلُّي هموم وقلق وخوف مما ستلده الدقائق القادمة من سوء لا قدّر الله، لكني اكتشفت بعد ذلك عدم خطورة العملية لأن بعض الأطباء يقررونها حتى لمن لا يحتاجها بغرض التجارة والاسترزاق، وهناك قصص مأساوية لضحايا الأخطاء الطبية لا حصر لها، والتي منها: أن طبيب المسالك البولية في أحد المستشفيات قرر عملية جراحية لإخراج الحصى من الكلى عند احد المرضى، وأثناء ذلك اخبر المريض انه سيعمل له عمليتين إحداهما للفتق والأخرى للمرارة في الوقت عينه، وكانت النتيجة الموت المحقق للمريض.. كما أن طبيباً غيره قرر عملية قطع لوزتي مريض ولكن وبسبب زيادة غير محسوبة في جرعة التخدير توفي المريض.. كما أن شخصاً أسعف أخته إلى أحد أشهر المستشفيات الأهلية في تعز لعلاج (صنفور) في ساعدها ونتيجة للإهمال والتقصير فقد أدى ذلك إلى بتر يدها وفي المستشفى ذاته قرر الأطباء بتر رِجْل مريض متورمة إلا أن قريبه رفض ذلك وسافر به لعلاجه في مصر وعُولجت الرجل وعاد ماشياً على قدميه.. كما أن عبدالعليم (شخص ما) دخل احد المستشفيات في عدن إثر حادث مروري فنقلوا له دماً دون فحصه وأصيب بمرض الايدز بسبب الدم المنقول وثارت ضجة إعلامية كبيرة ورُفعت دعوى قضائية على المستشفى وقضت المحكمة للمريض بأربعمائة وخمسين مليون ريال تعويضاً له.. وهنا يجب أن ننوه أن للمرضى الحق في مقاضاة الأطباء الفاشلين ومستشفياتهم حتى لا تضيع حقوقهم ولا تتكرر الأخطاء التي يذهب ضحيتها حياة المرضى..
أحمد محمد نعمان
الأخْطَاءُ الطِّبِّيَّةُ.. وَفِيَّاتٌ وَإعَاقَات(3-3) 1283