في سياق العمل السياسي الديموقراطي لا يمكن أن تتحالف قوى مختلفة أيدلوجيا وسياسياً وعقدياً كما حدث بين حزب المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله الحوثيين, خصوصاً عقب الثورة الشعبية التي خلعت علي عبدالله صالح رئيس الحزب وأبقت السلطات بيد الحزب أيضاً ممثلاً بالرئيس هادي الذي كان حينها نائباً أول لرئيس الحزب وذلك بتوافق جميع الأطراف بينما تكمن النكبة التي ألحقها صالح بالحوثيين في توريطهم بالقيام بعمليات انتقامية أشارت إلى مدى الترابط الوثيق بين صالح والحوثيين بحيث اقتصرت تلك العمليات على القضاء على أبرز خصوم "صالح" في المشهد السياسي وأبرز من وقفوا مع ثورة الشباب التي خلعت الرئيس صالح بينما لن تكون نكبة الحوثيين عن طريق خصوم "صالح" فحسب بل ستكون في تشكيل تحالف قوى يضم بين أجنحته المتفرعة كافة الساعين لضرب العُمق الحوثي الذي تعمل إيران على تغذيته بكل سبُلها ووسائلها الممكنة.
إن إبراز الحوثيين في المشهد الدراماتيكي الذي حصل ومحاولة إلصاق الحوثيين كأداة وغلاف لذلك المشروع هو عين النكبة التي ستصيب الحوثيين في مقبل الأيام مع الإدراك المطلق أن ما تم القيام به لم يكن تحرُّكاً حوثياً خالصاً كتب على نفسه الانتصار في كل معاركه, بينما لا يخفى على الجميع داخلياً وخارجياً تحرُّك قوى عمق ونفوذ صالح الممتد طيلة 33 سنة من حكمه, فكان الأساس الغلاف الذي ظهر به الحوثي وكان واجهةً لذلك المشروع الهزيل الذي تم في تلك الصورة مع وجود جميع الاحتمالات التي سعى الحوثي إليها وفي تصوره بأنها مكاسب سياسية يمكن الاعتماد عليها في بناء مستقبل الجماعة.
حرص الرئيس السابق على صالح على إبراز الإخوان في اليمن وقوى نفوذهم وتصويرها بأنها لا تقارن للخليج وللغرب فبنيت تلك السياسة التي شجَّعت صالح للقيام بمخططه عبر الحوثيين وتصفية مراكز نفوذ الإخوان مع اعتبار أن خصوم "صالح" سياسياً من أبرز الخصوم للحوثيين عقدياً وكان ممَّا شجع الحوثيين للقيام بالقضاء على خصومهم وخصومهم التاريخيين هو إلحاح صالح على الانتقام وانقطاع الدعم الخليجي لمراكز النفوذ في الوقت الذي تُغدِق فيه إيران على الحوثيين ما لا يُطاق حمله في سبيل أهداف ومشاريع بات الجميع يدركها خصوصاً مع تلبُّد الغيوم السياسية في المنطقة تحديداً العراق وسوريا ولبنان وكذلك اليمن.
يعتقد الحوثيون من خلال ما جرى واستخدام "صالح" لهم كورقه بأنهم الغالبون, خصوصاً مع تأكيدات مطلقة من الرئيس السابق لهم بالوقوف معهم وإلى جانبهم في سبيل الإجهاز على خصومه وخصومهم أيضاً, بينما لا يدركون أن "صالح" سيتركهم وسيتخلَّى عنهم بمجرد الوصول إلى الهدف الذي رسمه والمحطة التي حددها ثم يكونون عُرضةً لأشد أنواع العقاب على يد خصومهم الذين سمحوا لهم في اليمن بدخول منازلهم وتفجيرها والعبث بها بحيث تشكل هذه الانتهاكات التي حصلت تحت زعامة الحوثيين منطلقاً للاتحاد نحو هدف واحد ومشروع واحد وهو إعادة الصاع صاعين ولا يمكن أن تسير هذه الانتهاكات بحق أكبر الشرائح اليمنية رغم حرصها على السلم الأهلي وعدم الانجرار خلف أسوار الفتنة الطائفية, فكأن الواقع وليس نحن من يتحدث بأن أيام الحوثيين تقترب يوماً بعد آخر ولن يفروا من خصومهم وسيدركون حينها أن قيام صالح بتمكينهم وإصرارهم على التمدد نحو الخصوم ماهي إلا نكبة تاريخية جرهم إليها صالح لأهدافه . والسلام.
عمر أحمد عبدالله
نكبة صالح للحوثيين التاريخية..!! 1056