من المؤسف ما وصل إليه جهازنا الإعلامي من فساد وإسفاف وسفه لا مثيل له, فقد أصبح الإعلام العربي لا يتعدى عن كونه رسالة خطاب حمقاء موجهة لحواس الناس ومحركة لغرائزهم وليس هذا فحسب. فقط نجح الإعلام الغربي الخاوي من القيم أن يجد له نسخة طبق الأصل من مواد مستهلكة لا تستند على خلفيات علمية أو أدبية أو ثقافية لها تأثيرها الفكري على المشاهد بل نجد أنه يستند على مادة أو مواد فنية مهجنة تجمع بين ثقافات اجتماعية متعددة تختلف عن ثقافات محلية محافظة ومتوازنة ذات علاقة بديننا الإسلامي الحنيف إذا اعتبرنا أننا أصبحنا من تلك المجتمعات التي انحرفت عن المسار الصحيح من الناحية الإيديولوجية اللهم إلا في بعض ما يتعلق بسلوكيات أو شعائر دينية عامة.
وعند الحديث عن الإعلام المهجن والمفتقد للقيم الدينية والمجتمعية الأصيلة, فإننا نتحدث عن جيل بلا رصيد أخلاقي, قابل للانجراف السريع خلف صراعات وسلوكيات ومناهج هشة لا يقصد بها إلا انحراف المجتمع المسلم عن طريق الحق حتى يتسنى لأعداء الأمة وضع أقدامها على بلاد المسلمين عبر احتلال فكري ثقافي جديد من الصعب تغييره أو التغلب عليه فيما بعد إذا كتبت لهذه الأمة النائمة أن تستفيق من غيبوبة الغواية التي أسقطتها على فراش الغفلة منذ سنوات طويلة مضت.
وحتى يمكن تلافى حدوث المزيد من الإخفاقات الأخلاقية العريضة إعلامياً يجب أن تبدأ الرقابة الأسرية بإطلاق سراح مهامها المقيدة والتي قيدتها فعلاً تنشئة اجتماعية خاطئة وذوبان في قيم ومبادئ أخلاقية متدنية يراها المجتمع في السياق الطبيعي, بينما تتجاوز هي كل ما هو خاص وذو نسق مغلق أو محدود أخلاقياً. وبالإضافة إلى الصحوة الأسرية التي يجب أن تبدأ قبل فوات الأوان ينبغي أن ينشط الإعلام المحلي في إيجاد الإعلام المضاد المتحدث باسم الثقافة المحلية الخاصة ذات النكهة والقوام المحافظ والتي ستساهم بشكل أو بآخر في النهوض بمستوى الجيل ثقافياً وأخلاقياً أو على الأقل إيجاد البديل الملائم للمشاهد المحلي والانفراد بصناعة إعلامية مغايرة ترعى رسالتها قبل أن ترسل سمومها القاتلة.
ألطاف الأهدل
لا بد من إعلامٍ مضاد 1450