يسقط المرء أحياناً في بحر الحيرة حين لا يجد من الكلمات ما تسعفه لتجاوز موقفٍ معين، يحدث هذا حين نفقد القدرة على التوقع أو عدم الإدراك أو حضور الإحساس تجاه موقفٍ معين.. لكننا في نهاية المطاف مجبرون على الرد سواءً بالصمت أو الانسحاب، فليس الكلام وحده وسيلة للتعبير عن ما نريد قوله أو ترجمته من مشاعر سلبية أو إيجابية.
ومع هذا، وبرغم وجود أكثر من طريقة للرد إلا أننا نفرط دائماً في استخدام الكثير من الكلمات للرد على كلمة واحدة، ولربما كانت هذه الكلمة لا تستحق كل هذا العناء، يخسر المرء منا الكثير حين يفقد السيطرة على نفسه لأن نفس الإنسان عبارة عن إناء إذا انسكب ما فيه فمن الصعب جمعه من جديد، فمثلاً حين نفقد السيطرة على أعصابنا ونمنح أنفسنا حق الرد يتحول هذا الرد إلى ثأر ويتبع الغضب سلوكيات أخرى كثيرة قد يكون أسوأها القتل والعياذ بالله، بينما يبقى الأمر بسيطاً وغير ذي أهمية لو أننا استطعنا منذ اللحظة الأولى إيقاف مد الغضب فينا وأخذ الأمر على محمل الجد الذي يستحق دون إسراف مُضر ولا تقتير مهين.. هناك من الكلام ما لا يُقال، بل وما لا يجب أن يكون بذرة لموقف أو فكرة أو سلوك، ولقد وصل مجتمعنا إلى مرحلة سيئة جداً من اتباع صدمة الموقف الأول بحيث تتوالى ردة الفعل السلبية أو العكسية مراراً دون أن يعي نتائجها أو يتوقع تأثيرها على علاقته مع من حوله من الناس..
نحن نتفاعل مع بعض المواقف التي نعيشها وكأنها قرارات حاسمة لا نعود بعدها للعيش في ظل مجتمع يجب أن يتمتع الإنسان فيه بروح رياضية وحكمة عالية وقدرة على امتصاص نوبات الجهل التي يعانيها الكثير من أفراد مجتمعنا.
إن ذلك الاندفاع الهائل للبعض نحو الدفاع أو التبرير أو الثأر يدل بشكل واضح على نسبة الجهل والضعف والفشل الذي يعانيه هؤلاء، لأن في ذلك الاندفاع دليل كبير على مساحة خواء كبيرة جداً هي ما تجعل لصوت النفس اللوامة أو الضمير الحي أو الوسواس الخناس صوتاً ضاجاً أو منكفئاً في محيط افتراضي لا نعلم معالمه، وبحسب قدرة الشخص على سماع ذلك الصوت تأتي ردة فعله حتماً، لكن في كل الأحوال يجب أن يحذر المرء منازلات اللسان التي لا ينبغي أن تحدث لأنها قد تكون سبباً في صمت طويل لا آخر له.
ألطاف الأهدل
ما لا يُقال.....! 1282