من المؤسف أن يتنكر الإنسان لمبادئه وقيمه بل وثقة الناس فيه، فحينما ثار اليمنيون في العام 2011 ووصلت ثورتهم آفاقاً واسعة حاولت بعض الدول الالتفاف عليها وتحويلها إلى ثورة عكسية نعيش تفاصيلها اليوم وأعين اليمنيين تذرف دماً يغلي.
ثورة اليمنيين في العام 2011 كانت ذات تكلفة باهظة فقد رحل الكثير الكثير من أطهر وأنقى وأصفى شبابها برصاصات مؤلمة وفي سبيل غاية واحدة هي السعي باليمن نحو آفاق البناء والتقدم والتعايش والمحبة والإخاء وبناء وطن خال من الألوان المتناقضة التي تسعى لتفقده جماله وبهاءه.
إن ثوار ساحات وميادين التغيير ليسوا أعداداّ يسيرة يمكن تعدادها.. يدرك ذلك جيداً الرئيس عبدربه منصور هادي, لكنها في آخر المطاف آثرت السلم على الحرب وكانت أصابعها على الزناد، ثم تم القبول بمبادرة الخليج بنوايا سليمة تحمل البراءة والصفاء والنقاء دون التنبؤ بأنها محاولة التفاف لحرف الثورة عن مسارها ومقاصدها المرجوة.
ثم أسندت صلاحيات الرئيس صالح لنائبه هادي بحيث أن القوى الثورية كافة والأحزاب عموما منحت الرئيس هادي كامل الثقة لقيادة مسيرة اليمن الجديد وليس التمكين لقوى الإمامة في سبيل الانتقام والنيل من الخصوم السياسيين على طول البلاد وعرضها..
لقد تسلم الرئيس هادي وكل الشعب اليمني أمل بفجر جديد تصان فيه الحقوق والكرامات والحريات وأن يعطى كل ذي حق حقه.. ثم بدأ الرئيس هادي يراوغ ثم يناور ثم يراوغ ثم يعطي الحوثيين حقنات من سياساته الخبيثه لتمكينهم أكثر فأكثر حتى يصلوا إلى الخصوم بشكل أوسع، فكان يتحدث عن ثورة التغيير والحجر في المياه الراكدة التي حركها الشباب فزادت ثقة اليمنيين فيه بشكل كبير حتى انتهاء مؤتمر الحوار الوطني ثم بدأت فصول الخيانات التي لم يكن يتوقعها اليمنيون من رئيسهم خصوصاً بعد منحه الثقة الكاملة. لكنه تنكر لذلك في مشهد دراماتيكي سيء أفقد اليمن جل مستقبلها السياسي وتعايشها المختلف فكانت البداية من أحداث دماج وما صاحبها من مآس وفصول مروعة من الإجرام التي مارسها الحوثيون بحق طلاب مدرسة دماج.
هنا أدرك الرئيس هادي بأن أبناء دماج هم طلاب غير مهيئين للقتال, فهمس في أذن الشيخ الحجوري رئيس المدرسة بالقول: عليك بمغادرة الدار فالهدف ليس أنت، الهدف أكبر من ذلك، وعليك باستماع النصيحة وسرعة المغادرة.
بعدها سرعان ما غادر أبناء دماج من قريتهم ومدرستهم ومزارعهم قسراً ثم تم استجلاب الحوثيين إلى معركة عمران فكان ما كان مما لست أذكره فتم القضاء على أبرز وأقوى ألوية الجيش اليمني اللواء 310 بسلاحه وقيادته سحقاً. وحينما صمد اللواء القشيبي وأعلن رفضه الانسحاب سارع الرئيس هادي لإرسال لجنة وساطة مهمتها الحقيقية القضاء على القشيبي وهو ما تم في الحال
لم يكن يدرك اليمنيون أن من منحوه ثقتهم سيختار طريقاً مجهولاً لليمن واليمنيين في سبيل الانتقام لشخص الرئيس السابق ثم لم يكتف بسقوط معاقل آل الأحمر في عمران بل قاد تلك المسرحية الهزلية التي يندى لها جبين الإنسان حينما استجلب الحوثيين إلى حدود صنعاء وأعطاهم تعليماته بأن يقوموا بما يشبه الثورة حتى وصلنا إلى مسارات التفاوض المضحكة من عبدالقادر هلال إلى بن دغر وجميع تلك المفاوضات هزلية كاذبة فقط لسياسة المرحلة. بل والأدهى من ذلك بكثير هي لجنة الاصطفاف الوطني التي دعا لها الرئيس هادي بينما هي في إطار المكر والخداع وكذلك التليفزيون ومقره.
كل ذلك فقط للتستر حتى يتم الإجهاز على الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان. ومازالت تتوالى فصول المسرحية التي أتقن ممارستها بكيد عال الرئيس هادي وكذلك الرئيس صالح لكنهما بذلك لا يدركان بأنهما يعمقان المجهول الذي تسير فيه اليمن أكثر فأكثر
إن استمرار السياسة الهادوية التي يمارسها الرئيس تدفع باليمن واليمنيين نحو الاقتتال. وكان حريا به أن يحكم بما اتفق عليه وأن يقيم العدل وأن يساوي بين الأمور وأن لا ينتقم بهذه الصورة الخادشة لكل معاني التعايش والإخاء
لازال الرئيس هادي يمارس سياسة التمكين للحوثيين ثم يدفع عنها بمغالطات واهية عبر الإعلام الرسمي لا تستند لأي حقائق على الأرض بما يشبه العجز وهو غير ذلك، بل بإمكان اليمنيين أن يتحركوا من أجل بلدهم وأن يدفعوا من أجلها الدماء ولكن الانبطاح الذي يمارسه الرئيس هادي يهدف لخلط الأوراق ومحاولة حرفها عن مسارها دون الإدراك بعواقبها الوخيمة التي ستظهر في المستقبل.
يجب أن تكون هناك ثورة تصحيحية لإزاحة الرئيس هادي من جذوره وسحب الحصانة من صالح وأن يتحرك الجيش للحيلولة دون الوصول إلى الموصول الخاطئ الذي يتم التخطيط له خصوصاً قبل أن يتم الإعلان عن مجلس عسكري يقوده العميد نجل الرئيس السابق مع قادة عسكريين موالين للرئيس صالح, لاسيما في ظل ما تعانيه اليمن من ترد للأوضاع وتفاقم الحروب واشتداد لهيب الحرب مع القاعدة وتحركات الحوثيين التوسعية والانتقامية.
فاليمن أغلى من كل شيء حقيقة وليس زيفاً إعلامياً.. وعلى ذلك لن تنعم اليمن واليمنيون بخير إلا برحيل الرئيس هادي الذي بدا عاجزاّ عن إدارة مستقبل وطن يفقد يومياً من خيرة أبنائه وشبابه الكثير الكثير بل ويسير بهم نحو المجهول.
عمر أحمد عبدالله
الرئيس هادي والسير نحو المجهول..!! 1276