مدخل: ستدشن المؤسسة الوطنية لمكافحة مرض السرطان حملة "سأبدأ عامي بخير", وذلك يوم 1-1-2015 فلنشارك هذه الحملة ولنباركها..
عندما سافرت من مدينتي الحبيبة تعز إلى الغالية صنعاء للدراسة وبعد أشهر من مكوثي في صنعاء دعاني الأخ الغالي والحبيب "جهاد البريهي" وطرح عليّ فكرة أن نؤسس مبادرة في صنعاء نخدم من خلالها مرضى السرطان بالتنسيق مع المؤسسة الوطنية في صنعاء, حيث كان هو الآخر _صديقي "جهاد"_ لم يتجاوز الشهر تقريبًا على تواجده في صنعاء للدراسة كذلك, وقال لي لابد من أن أكون إلى جانبه كونه يثق بي كثيراً واختارني من بين أصدقائه.. رحبت بالفكرة وسرت خطوة بخطوة مع صديقي وكان أول عمل لنا هو زيارة المؤسسة الوطنية لمكافحة مرض السرطان حيث أرسلنا الأستاذ "رضوان العامري" والذي يعمل في فرع المؤسسة بتعز إلى أحد أصدقائه هناك وكان أول لقاء لنا بالمؤسسة هو بالأستاذ: "الحمادي" الذي أحسن ضيافتنا يومها ومن ثم استدعى مسؤول الأنشطة في المؤسسة الأستاذ "صلاح الفقيه" والذي رافقنا طوال رحلة العمل كمتطوعين لصالح مرضى السرطان وكان ذلك قبل سنتين تقريبًا أو تزيد.. كنا نقوم بزيارة المدارس وبعض المؤسسات لنقوم بعمل دورات توعية عن المرض وكانت الدكتورة "هيفاء هارون" لا تبخل علينا بالمجيء إذا استدعيناها للتحدث عن المرض وخاصة في مدارس البنات كون المرض أكثر انتشارًا بينهن وبحكم تخصص الدكتورة "هيفاء" إلى جانب حضور الأستاذ "هاني زهرة" رئيس قسم كبار الداعمين للتعريف بالمؤسسة.. قمنا بزيارة "دار الحياة" التابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة مرض السرطان لأكثر من مرة تحت لافتة مبادرتنا التي قمنا بتأسيسها والتي أسميناها "بسمة أمل" وأصدقكم القول بأنها كانت لها من اسمها نصيب حيث قدمت كل ما بوسعها لصالح المرضى وكنا في كل زيارة إلى الدار نلتقي "حامد" الطفل ذو الخامسة أو الرابعة من عمره, حيث كان طفلًا مرحًا واجتماعيًا بشكل ملحوظ, فقد كان يلعب معنا ويضحك ويقول لنا بأنه سيكبر وسيكون رقمًا صعبًا في المستقبل برغم المرض الخبيث الذي يعانيه وكنا كلما قمنا بزيارة الدار نشعر بالسعادة الذي يدخلها فينا "حامد" بدلًا من أن نحاول نحن إشعاره بها.. ذات يوم اتصل بي "جهاد" وقال: صدام.. نلتقي بشارع الزبيري, بنجي أنا والعيال والبنات نزور دار الحياة وقد اشترينا لهم هدايا كثيرة نوزعها عليهم.. فرحتُ فرحًا شديداً وتذكرت "حامد" ورغم عدم امتلاكي ريالًا واحدًا في ذلك الوقت لكي أصل إلى شارع الزبيري إلا أنني قمت بتغيير ملابسي سريعًا وذهبت مشيًا حتى وصلت إلى المكان المحدد وفي الوقت المحدد.. وصلت والتقيت أعضاء المبادرة وفي مقدمتهم "جهاد" الذي كان يرأسها وفي عينيه شيئًا من الحزن, تجاهلت ما رأيته في عينَي "جهاد" وأدرجته في خانة "الزعل" لأن جهاد كان يزعل كثيرًا إذا ضايقه تصرف أحد أعضاء المبادرة.. وصلنا إلى الدار وسلمنا على الحارس, وكنت مبتسمًا جدًا, وقلت للحارس: أين حامد؟
فالتفت "جهاد" وقال: ما قلت لك؟ نظرت باستغراب إليه, فقال: حامد توفي قبل أسبوع!! مات شيئًا من جمسي في تلكم اللحظة وارتفع شيئًا من روحي إلى خالقه عندما سمعت الخبر, وشعرت بأنني زيادة على الحياة واستمراري فيها لا أهمية له , شعرت وكأنني أنا أحد الأسباب التي أدت إلى وفاة "حامد" الطفل الصغير المرح, إلا أن الإيمان بالقضاء والقدر جعلني آخذ الأكياس التي فيها الهدايا وأذهب لإهداء الأمراض بعض الأشياء بصحبة إخواني أعضاء المبادرة.. لم أُشعِر أحدًا بما أعانيه, وتعاملت بشكل طبيعي, إلا أنني لم أتوقف على التفكير بحامد.. عند وصولي إلى منزلي جلست إلى جانب حبيبَاي: عمار وأسامة أولاد أخي الأكبر وقلت لهما: حامد مات, قولا الله يرحمه, فقالاها بعفوية وبراءة دون أن يعرفاه: الله يرحمه..
بعدها عملنا بجد أكثر حتى لا تتكرر المأساة ويظهر "حامد" آخر يسلك فيه مسلك حامد الطفل الصغير, إلا أن المرض الخبيث لم يفرق بين "حامد" و"أيمن" و"سعيد" و"سمية" و"آية" و"سلوى" وفقدنا الكثيرين.. لا أطيل, ولكن لنقف جنبًا إلى جنب مع هذه المؤسسة التي تقدّم الكثير, فهي مؤسسة وطنية خيرية بامتياز ليس لها أي توجه سوى توجهها الخيري وشعورها بالمسؤولية تجاه هؤلاء الأمراض الذين يغتالهم الموت كل يوم, و ليكن شعارنا من الآن: سأبدأ عامي بخير ولنقدم كل ما بوسعنا ونتفاعل مع هذه الحملة التي ستدشن يوم 1-1-2015 ولنشارك في الوقفة التي ستكون أمام المؤسسة في شارع الستين أمام وزارة الخارجية.. لنواجه هذا المرض حتى لا يصل إلينا.. ومن أراد أن يتفهم أكثر فعليه زيارة مقر المؤسسة في شارع الستين, فقد تم نقله من شارع صخر إلى الستين وليتساءل عما أردا فالمؤسسة ترحب بكل ما يزورها, ومن أراد أن يقوم بزيارة "دار الحياة التابع للمؤسسة والذي يتواجد فيه المرضى فهو حتى الآن في شارع الزبيري خلف حلويات أبو خالد, وجزى الله الجميع خير الجزاء..
صدام الحريبي
لنواجه السرطان 1-1-2015 1471