ينطوي عام ونستقبل عام جديد ونحن نتذكر محمد البوعزيزي الشاب التونسي الذي انتفض على الظلم ورفض الاستعباد والتمايز والخنوع والاستسلام أضرم النار في جسده المتهالك الضعيف المتعب من الكد والبحث عن لقمة العيش تعبيراً صادقاً عن رفض واقع مُزرٍ واقع فيه عصابات تنهب وتستولي على ثروات الأمة وهناك بشرٌ يعيشون الفقر والحاجة والمرض والجهل ويعيشون في أكواخ بينما عصابات النهب والإقطاع و"الكمبرادور" تعيش في قصور فخمة محصنة بالحراسات المدججة كلها من أموال الشعوب المغلوبة, لقد وجه رسالته يخاطب الضمير الوطني تحرروا من الطغاة والمستبدين والأسر ألستم كسائر الأمم البشرية تطمحون للعيش بكرامة و رخاء وعزة وشرف؟ وا أسفي أن أجد بينكم من يحن إلى العبودية وتقبيل الرُّكب وعبادة الأصنام البشرية وطاعتها, تتحكم بكم عن بُعد لتتصارعوا وتدمروا بعضكم بعضاً, إنها مأساة أمة تخلَّفت عن مواكبة تطورات العصر.
ها نحن نودِّع عامنا الثالث منذ استشهاد البوعزيزي وتونس تحقق أهداف الثورة الذي أشعلها هذا الشاب المظلوم وأضرم النار في جسده ليشعل فيكم الحماس وخرجت لتؤكد أنها أمة قادرة أن تكون حرة لتتنافس على بناء وطن وكرامة إنسان وجَّسدت التبادل السلمي للسلطة وفق صندوق الاقتراع الحر النزيه والشريف غير الملطخ بأساليب الماضي من تزوير وفرض بعصا السلطة وحزب الأغلبية وشعارات الزعيم والسيد والشيخ, لقد كانت قناعاتهم أكبر من ذلك وتفكيرهم أنقى, تجاوزوا ماضيهم ليبحثوا عن مستقبلهم ومصير و نمو وتطور وعزة أمة و وطن غالٍ على قلوبهم.
ونحن في يمن الإيمان والحكمة تدور بنا عجلة الزمان ونودع عام ونستقبل أعواماً نحن ننتقل من صراع إلى صراع ومن منعطف خطير إلى منعطف أخطر غاب لدينا الضمير والحس الوطني كم هائل من الاتفاقيات والمبادرات وقَّعنا عليها لكن لم ننفذ شيئاً يُذكَر على الواقع بل ندور حول قضايانا لنعود إلى نقطة البداية لأن رهاننا للتغيير بعقول جامدة متصلبة عنيدة, هل هو قدرنا أن نرتبط بها ونربط مستقبلنا ومصيرنا بخيبتها وعُقم أفكارها.
أمامنا أيام قلائل وسيكون دستورنا جاهز للاستفتاء والشعب سيقول كلمته فيه ولم يحن وقت الصراع على السلطة, فلازلنا في مرحلة بنا أسس الدولة والسلطة التي نتنافس عليها بتسوية ساحة الصراع على أسس عادلة تضمن حق الجميع وتكفل حقوقهم لكن هناك من لا يريد أن يكون شريكاً في البناء و تسوية هذه الساحة يريد الحفاظ على مراكز نفوذه و وسائل ضغطة على الآخرين للخنوع والاستسلام ليحصل على مبتغاة رغم أنف الجميع .
كل ما هو موجود من فساد وإرهاب وانفلات امني ومراكز نفوذ محصنة من النظام والقانون وفوضى عارمة خارج إطار المؤسسات وأنظمتها وقوانينها هي نتائج غياب الدولة الضامنة للحريات والعدالة دولة النظام والقانون التي تُخضع الجميع لسلطتها أذا تحررت الدولة من قوى النفوذ وأسسنا أعمدتها ومتنا أركانها وفق مخرجات الحوار والسلم والشراكة وهي كفيله بمعالجة كل هذه النتائج إن كنتم صادقين.
متى سنؤسس للدولة الحلم الضامنة للحريات والعدالة والمساواة ثم نتنافس وفق أسس واضحة على هذه السلطة وذلك بالتغيير نحوا الأفضل وحكومة الكفاءات هي الأمل لإخراج الوطن من أزماته المتوالية والتي هدفها واضح للجميع لا يريدون النجاح والوصول للغاية التي رسمها ثوار الربيع اليمني امتداد للربيع العربي في اليمن ضاقت صدورهم بهذا الربيع لم يستوعبوا إرادة جماهيره التي تطمح لتغيير الواقع المزري الذي يتماشى مع غايتهم العقيمة, إنه مخطط مربع الشر في صورة سياسي عفن أو قبيلي ورَّثه أبوه العرش ومعتقده أنه مصطفى من الله تعالى على رقاب الأمة بحكم المقدس, كيف لحكومة كفاءات أن تعمل في ظل هذه العقلية والتجاذبات والمليشيات التي تسلبها سلطتها وتجعلها أدوات لتنفيذ مخططهم, إنها لمهمةٌ صعبة في مرحلة خطيرة وتعامل مع عقول عقيمة ترفض لانصياع للنظام والقانون نهايتها الحتمية تفتيت وطن وتمزيق أمة, لأن كرامتي لا تسمح لي بالبقاء تحت سلطة سيد وعنجهية زعيم وتمرد قبيلي وهدف لعنفهم ومليشياتهم التي لا نعلم ما هو قانونها ونظامها شرعهم يقتلون القتيل ثم يذبحون له ثور وإن احترموك فثورين وكم طلي وبعض قطع السلاح وعفا الله عمَّا سلف تلك هي دولتهم ونظامهم أنا لا أقبله على نفسي وغيري وتتنافى مع قناعاتي المدنية والدولة الحديثة دولة النظام والقانون الضامنة للحريات والعدالة.
أحمد ناصر حميدان
يا (2015م ) نشتي دولة 1847