ربما أنت شخص مبدع ولديك مهارات متطورة وغير عادية ؛ ومع ذلك أنت لم تحصل على فرصة عمل ترضيك حتى هذه اللحظة !
أوربما حصلتَ على العديد من الفُرَص لكنك قلَّما ثبَتَّ في إحداها !
هل تعرضت للفصل من العمل لعدة مرات ؟!
ما زلت ترى نفسك متميزاً لكنك غير موفق في العمل ؟
أنت في حيرة من أمرك , وتتساءل طويلا : ماهو الخطأ , لماذا يحدث هذا معي ؟!
كل واحد منَّا الأن وهو يقرأ هذه المقالة سيمر في ذهنه أشخاصٌ مبدعون كُثر , موهوبون , متميزون , لكنهم غير موفقين في الوظائف التي شغلوها !
الناس العاديون سلوكهم يبدو رصينا وروتينيا , وهم من يستمرون في وظائفهم لفترات طويلة دون التعرض لأي صدام مع رؤسائهم أو يعانون من نفور شديد تجاه بيئة عملهم !
أما الموهوبون فهم مختلفون , يبدون في معظم الأحوال غير عاديين , ويصدر منهم سلوكاً غير عاديا ؛ بل قد يأتون بالبدع الغريبة , علاوة على حساسيتهم الشديدة من القيود البيئية !
هل شاهدت فيلما عن امبراطورية " سامسونج " أو عن شركة " جوجل " وكذلك شركة " فيسبوك " وأمثالهن ؟!
هناك سترى جيوشاً من الموهوبين والمبدعين يعملون في بيئة عمل تهيء عقولهم ونفسياتهم للمجيء بالمعجز من الابتكارات , وتفجر طاقاتهم لمزيد من الإبداع !
فطن المهتمون بمهارات القيادة والإدارة الفعالة في الدول المتقدمة لمشكلة المبدعين والموهوبين ؛ فوضعوا لها حلولاً ناجعة , وجاءوا بأحدث نظريات الإدارة والقيادة ؛ نظرية " الإدارة بالحب " !
النظرية تركز على فئة الموهوبين والمبدعين وتخلق لهم بيئة عمل ملائمة لنفسياتهم , تراعى حساسيتهم المرهفة تجاه أسلوب التعامل من رؤسائهم وبيئة العمل !
من خلال عملي في مجال التنمية البشرية واحتكاكي بجمهور المتدربين وجدت الكثيرين من هؤلاء المبدعين الذين يعملون في الأماكن الخطأ ويشعر الواحد منهم بأنه حوت كبير محشور في بركة صغيرة !
المؤسف أن الكثيرين لا يعلمون بأن الإنسان اليمني مبدع بالسليقة, وأنا أكاد أقول بأنه مخلوق من طينة الإبداع !.
يوجد في المجتمع اليمني الكثير من التلوُّن والبساطة وانطلاق السجية , وكلها عوامل تصنع الإنسان المبدع , والغالب على الكثيرين ممَّن رأيته معطلاً عن العطاء , تائها على هامش الحياة تفعيله للدماغ الأيمن ؛ وهو مكمن الإبداع في العقل البشري !
نحن اليمانيين لا نعرِّف الكثير عن أنفسنا , ونوحي ببساطتنا وتواضعنا للأخرين بأنا لسنا مبدعين , حتى أنه عندما جاء أحد المدربين الدوليين وقدم للجمهور في مدينة " تعز" دورة عن أنماط الناس وفق النظرية الهندسية , ألغى من المادة التي قدمها للجمهور نموذجين يمثلان الشخصيات المبدعة , ضحكت في سري وأنا أرى أغلب الجمهور المتميز الذي حضر الدورة تائها في النماذج المعروضة ولم يجد أكثرهم نفسه , ذلك ببساطة لأن غالبيتهم كانوا من المبدعين !
في الوطن العربي وفي اليمن بالذات قلما يهتم أصحاب المؤسسات والمصانع بفئة المبدعين والموهوبين , وقلما يديرون مؤسساتهم
بالنظريات الحديثة في الإدارة , وتراهم يعتمدون في اختيارهم لموظفيهم وطرق إدارتهم على الأساليب القديمة ؛ بل ويفضلون العمل مع مرؤسين عاديين , المهم أن يكونوا مطواعين وقليلي التذمر , وراضين بما يقدمه لهم رؤسائهم ولو كان الحيف بعينه !
لأجل ذلك لا يوجد في الوطن العربي من أقصاه لأقصاه شركة واحدة تماثل سامسونج أو جوجل ومثيلاتها ممن تحصد أرباحا خيالية , وتقفز القفزات العلمية المذهلة في أوقات قياسية !
إنها الإدارة بالحب , وحدها من يمكنه احتضان الموظف المبدع الموهوب الذي يخلق الفرص الغير عادية للنهوض بمؤسسته وبوطنه !
النظرية ليست مستحيلة أو صعبة التطبيق , تقول " كاثلين سانفورد " صاحبة كتاب الإدارة بالحب :"إن فشل النظريات الإدارية وتطبيقاتها لا يعود أساساً إلى فشل منهاجها وعدم مصداقيتها , أو أخطاء جوهرية كامنة فيها ؛ بل يعود إلى افتقاد الإدارة للحب وافتقار القيادة للفطرة والحنان!".
نبيلة الوليدي
الإدارة بالحب !! 1118