نحن أُمة ابتلاها الله بالاختلاف وتفكك العُرى وضعف العزيمة بعد أن سبقتنا أجيال نصرٍ وظفر وعزةٍ وثبات، فما الفرق بيننا وبينهم؟! ولماذا استطاعوا أن يصنعوا تاريخاً مشرّفاً ومشرقاً بينما عجزنا نحن عن ذلك؟!..
الأمر في غاية البساطة، فهؤلاء تمسكوا بأسباب النصر بينما عجزنا نحن عن فعل ذلك، فما هي أسباب النصر إذاً، ولماذا غابت عن مناهجنا التربوية داخل إطار الأسرة وخارجها؟!
أسباب النصر هي مؤشرات قياس الإيمان الحقيقي والمكتمل، فالسنن الغائبة عن سلوكياتنا وسلوكيات أبنائنا جعلت الطريق خالياً لعبور ثقافات وسلوكيات اجتماعية وفردية مختلفة حلت محل تلك السنن وبدلت مضامينها، بل وتحاول كل يوم إلغاءها ومحو آثارها بإهدار قيمتها الأخلاقية وتشويه تفاصيلها الأدبية والإنسانية، فبالإضافة مثلاً إلى تراجع سنن العبارات أو تلاشيها (سُنن الوضوء والصلاة والدعاء والزيارة..) تلاشت أيضاً سنن شخصية أمام ثقافة بناء الشخصية الحضارية، التي تنادي بها أُمم القانون الوضعي، المتحدثة باسم الحقوق والحريات، والتي تبتعد في الوقت نفسه عن كل حقٍ أو حرية إنسانية يكون أساسها الدين وجوهرها العقيدة.. إذاً.. نحن أمام تيار ثقافي مناهض للدين والعقيدة الإسلامية، وإلا لما احتشدت تلك البلدان المتحضرة بأجمعها لتحارب جماعات قليلة متفرقة هنا وهناك في أوطان المسلمين، ومهما بدت تلك الجماعات فاسدة في مناهجها إلا أنها أقل فساداً في سياساتها المتهالكة أمام سياسات أنظمتها الحاكمة.. والحقيقة أننا سنفهم حقيقة السنن الضائعة من هرم سلوكياتنا لو أننا قرأنا السيرة النبوية وتفحصنا كل مواقف الأخذ والعطاء التي صدرت عن رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدرجة الراقية من السمو الأخلاقي في التفاعل معها واستيعابها، ويكفي أن نعلم أن للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهجاً سلوكياً متكاملاً في ثقافة التعامل مع الآخر، ولا بد من إيجاد تلك السنن عملياً ليستوعبها الجيلُ كسلوكٍ وليس كمعلومات دراسية.
ألطاف الأهدل
سُنن ضائعة..! 1356