في ظل الأوضاع الحرجة والحساسة التي يمر بها الوطن يتبيَّن أن هذا العامل الإدراكي سيظل سيد الموقف خاصة وأن الأطراف يحاول كلٌ منها فرض أفكاره واعتقاداته بأسلوب مغاير وغير منطقي ليحتدم الصراع وتظل القوة والبطش والتنكيل سمةً أساسية وعاملاً أساسياً في صراع الطوائف المتناحرة في وطن المخاوف الذي سُلبت عزته وكرامته نتيجةً لهذه التقلبات المزاجية التي تساور هذه الأطراف الخارجة بأفكارها واعتقاداتها عن العقل والمنطق الذي غيبتاه بأفعالها غير الإنسانية والمبتكرة من قاموس الأفكار الهدامة في حاضرها التليد الذي عرَّاها إمام الإنسانية وجعلها تتأزم في مكنوناتها الخبيثة التي لتنطلي على أحد في كل مكان وزمان ..

فصراع الطوائف المحتدم والملتهب ألقى بظلاله بأن تظل الإنسانية في صراع مع نفسها بصورة لمثيل لها كونها هي من أوجدت الصراع وأشعلت نيرانه المستعيرة بشتى الطرق حتى تحقق مأربها الشيطانية التي عششت فيها وتبلورت إلى واقع أقرب إلى المستحيل في مكنوناته التي لا يمكن لأحد التمحور فيه والعيش تحت مظلته الرعناء بأي شكلٍ من الأشكال ..

اليوم ومن خلال الأحداث التي تعصف بالوطن يتبين في الأفق بأننا أمام معضلة جمة اسمها صراع الطوائف التي دغدغت مشاعر البعض واجتاحت جوانحه دون استئذان ليظل التعصُّب أداةً محورية لهذه الأصناف في تعاملاتها الحياتية التي سئمنا منها في حِلنا وترحالنا الذي لا يسرُّ عدوٌ ولا صديق نتيجة لهذه الافتراءات الزائفة   التي تسطرها لنا هذه الطوائف المخلة بالأمن والأمان في وطن الحكمة والإيمان ..

قتْلٌ وتنكيل وتشريد وضياع تلازمنا في حياتنا اليومية سطَّرها لنا صراع الطوائف الذي استباح حياتنا وأعلن عليها الموت قبل فوات الأوان لتخيِّم على محيانا الآهات والأحزان التي لا مناص منهما في وطن يجلد أبناءه بسياط غليظة وأفكارٍ هدامة طائفية هي أصلاً دخيلة وغريبة في نسيج المجتمع الذي لن يواكبها أو يجنح تحت رايتها الضبابية التي يساورها الشك المتيقن بأنها خزعبلات استوحاها ضعفاء الضمائر ومنهارو القيم من نسج الخيال الخالي من المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة التي انتزعت من هؤلاء المتعصبين تحت راية إبليس اللعين الذين شكلوا وإياه وجهين لعملة واحدة.

فصراع الطوائف المغذَّى فكريا من قبل هذه الأطراف المتصارعة سيظل بوتقة أمل وشعاع وضاء تستمد منه هذه الأطراف بريقها القاتل لكل معاني الحياة التي تحولت إلى قتلا وتنكيل دون أسباب تُذكَر لتعلن هذه الأطراف أن الحوار وتقبُّل الرأي والرأي الآخر أمرٌ مرفوض لتروي عطشها البغيض دماء طاهرة لاحول ولا قوة لها سوى أنها أصبحت في موقع نزاع هذه الأطراف المخالفة للدين والشروع الربانية التي انسلخت من هذه الأطراف المحرفة للحقيقة تحت مرجعيات ما أنزل الله بها  من سلطان في كتبه السماوية المنزلة على أنبيا الله ورسله إلى الأمم منذ الأزل.