أصبحت القوه في اليمن هي المعيار الأول في فرض الأمر الواقع حتى وإن لم تكن في سياقاتها المرسومة وإطاراتها المحدودة, ففي اليوم الذي قضمت فيه مليشيا الإرهاب المسلحة الحوثية محافظة عمران واللواء 310, تحركت صوب بوصلتها باتجاه العاصمة صنعاء تجرجر خلفها سيولاً هادرة من الدماء والأشلاء بل والخراب والدمار.. ورغم كل ذلك ظلت الدولة بأجهزتها الرسمية تمارس نوعاً من التضليل ولعب دور آخر له أهدافه وغاياته وفي شدة أوج المعارك, يعلن الجيش اليمني الحياد فيما يجري مع جزء منه وتلك المجموعات الإرهابية الوافدة من صعدة لكنه لزم الحياد بغية الوصول إلى هذه اللحظة الفارقة وإن كان في ذلك الوصول الخاطئ باليمن نحو المجهول..
وفي ذلك الوقت- الذي اشتد فيه لهيب معارك الحوثيين مع نصف القبيلة الحمراء حسب الترويج ولواء من الجيش أرادوا الإجهاز عليه كونه مصدر قوة خصمهم, لكن رغم ذلك فإن الجيش يقف محايداً ووكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ تنبري لساناً طويلاً للسيد وكأن الحياد انتهى قبل تلك المفاوضات الشاقة التي لم تجد متكأّ تتكئ عليه لعنفوان الرفض الحوثي ثم تذهب لجنة لتأتي أخرى ولا زالوا يمارسون أفظع الإجرام سواسية بالقتل تارة والمفاوضات تارة أخرى.
وها هو الرئيس هادي يبعث بلجنة رئاسية تتكون من مستشاريه للتفاوض مع السيد في صعدة وتصل الطائرة التي تقلهم مطار صعدة وكأننا في منظر يوحي بالذل والهوان والقبول بمليشيا الغلبة والقوة التي قتلت اليمنيين بمختلف ألوانهم مدنيين وعسكريين ورصيدها حافل بتلك الجرائم التي يندى لها الجبين, لكنهم بذلك يمارسون نوعاً من الوطنية التي من خلالها يفتحون باباً للتطرف أن يسلك طريقه كما في العراق وسوريا وكانت له الغلبة والمكنة ويتقدم يوماً بعد آخر رغم عدم تكافؤ القوة لكنها المظالم وكذلك الإجرام الذي لا يولد من رحمه إلا عنفا عنيفاً مضاداً..
طائرة رئاسية للتفاوض مع مليشيا مسلحة تتفنن في قتل اليمنيين واجتياح مدنهم وقراهم في الوقت الذي ترى فيه أميركاً سبيلاً من خلاله في النيل من خصومها عبر أداتها الحوثيين وفي الوقت الذي تمنع فيه الإدارة الأميركية الدولة اليمنية من التفاوض مع المليشيات الأخرى كأنصار الشريعة في صورة لا تخدم اليمن في حقيقتها بل تخدم ذلك المشروع الأميركي الصفوي في البلاد العربية لتثبيت قواعد "سايكس بيكو" في الشرق الأوسط وعدم التمكين للشعوب العربية في التقدم ونيل حريتها واستقلالها المنشود والسلام .
عمر أحمد عبدالله
التفاوض مع المليشيا..!! 1156