تشكو اللغة العربية من إهمال كبير وصل حد الخطأ وتجاوز مساحة الإساءة متعديا ذلك كله إلى النكران وضياع الهوية.. فالخلط الكبير الذي يحدث في بعض قواعدها والناتج عن قلة الإلمام بتفاصيلها وجوهر مفرداتها والذي يقع فيه معلمو ومعلمات اليوم, يثير الفزع حول مستقبل اللغة الأم التي تطفل عليها أعداؤها اليوم واستخدموا بعض مفرداتها للإشارة إلى مواضيع قد تحمل الحداثة في ظاهرها لكنها تتضمن مفاهيم غريبة مغايرة كتابة ونطفا للغة الأصلية التي تزل بها كتابنا ونطق بها نبينا وأراد الله أن تكون جسرا يوصل حاضرنا اللغوي بماضينا ومستقبلنا.
المأسسة، المكننة، الخصخصة.. كلمات وسواها كثير من المفردات المستهلكة التي يتم تغيير مصادرها وفق الاحتياج اللفظي لها حتى وإن تم حشرها بين فكي النقد والحداثة كقضية استهلالية لمعضلة أهل اللغة الفارين من مسؤولية الحفاظ على لغتهم.
في إحدى المدارس الخاصة في تعز تم تكليف معلمة بتدريس مادة اللغة العربية لطالبات الصف الثامن ولما تكررت أخطاؤها الملحوظة في هذه المادة توجه ولي أمر إحدى الطالبات إلى إدارة المدرسة, مستعرضا حجم الأخطاء التي صوبها لابنته أثناء استذكار الطالبة لدروسها في حضور والدها، وحين تم استدعاء المعلمة تبين أنها حاصلة على بكالوريوس في الفيزياء وتحضر للماجستير في نفس المجال، فأين يكمن الخطأ هنا؟ هل هو في الوزارة التي لا تشدد في مسألة التخصصات ولا تبني خططها التوظيفية على أساس الاحتياج النوعي، أم أنه في مكاتب الوزارة التي لا تحسن التعرف على مكامن الألم في جسد العملية التربوية على اعتبار أنها تمثل ميكروسكوب الوزارة في كل محافظات الجمهورية، أم هو في مديرات المداس اللاتي يجتهدن في تدبير أمورهن وكأن عقول الطلاب والطالبات مطابخ بلا مؤونة؟ من أين يأتي خلل الإهمال في اللغة والتطاول على مفرداتها والتجاوز في استخدام معانيها؟ إن لم نستطع أن نحمل مسؤولية الحفاظ على هويتنا اللغوية فعلى الأقل لنحاول أن لا نشوه معالمها ونكسر قواعدها لأنها قبل هذا وذاك لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة وباب مفتوح للاسترشاد إلى معجزات الكون التي ذكرت في القران قبل أن تدخل معامل ومراكز وجامعات الغرب.. الغرب الذي بدأت يتحدث بلغتنا.
ألطاف الأهدل
اللغة العربية وبوادر التخريب اللغوي 1300