غالباً ما نخطئ في اليمن بين الشر والخير, الصالح والطالح, القوة والضعف كأداة وليس كمبدأ. غالباً ما نخلط بين عملٍ صالح وآخر سيء. فنحن في الوقت الذي ننادي فيه بالحرية لازلنا نسجن أنفسنا في مفاهيم الحرية الضيقة, وفي اللحظة التي نتحمس فيها للديمقراطية ومخرجاتها الحزبية لا نكاد نفقه آلية الحوار واحترام رأي الآخر. نخلط بين أوراقنا الدينية والدنيوية ونعزو الأمر للسياسة والسياسيين وتقريباً فإنا نُعرف بسيمانا تماماً كما يعرف أصحاب الأعراف بسيماهم يوم القيامة! وإذا كان الناس في اليمن قد حملوا صفات الأعراف فإنهم في السعودية قد حملوا صفات الأعراب الذين وصفهم الله بانهم "أشد كفراً ونفاقاً"! والسبب في نوع المعاملة وأسلوب الطرح الذي يغشي العلاقات المنكوبة بين السعودية واليمن منذ قضايا الحدود المزعومة وحتى قضايا شائكة دخلت ملف التحديث السياسي منذ التسعينات وحتى اليوم.
فكيف نتوقع أن يكون نوع هذه العلاقة القائمة بين البلدين والتي تشبه تلك العلاقة القائمة بين الصُم والعميان؟!..
وبالرغم من التشابه الكبير في الواقع الطبيعي والبشري والبيئي بين السعودية واليمن إلا أن الخلاف الحاصل في المبدأ السياسي يكاد يلغي الكثير من جوانب الوفاق والتواؤم بين البلدين اللذي يصعب التفريق في التركيبة الاجتماعية وانساق التفاعل فيها بينهما, فكلاهما يقف على قاعدة دينية وثقافية واحدة.
السعودية تحتضن مئات من أبناء اليمن الذين يشيدون مبانيها ويبيعون ويشترون في ومن أسواقها كل أنواع السلع التي قد لا تغني بعضهم شيئاً إلا التعب, وفي ذات اللحظة تحتضن اليمن ثروات طائلة منع من ظهورها التعذر والثقل وكل مسببات الاختفاء عن حيز الوجود, ودور الشقيقة في ذلك لا يخفى على احد بالتعاون طبعاً مع عباد الدينار والدرهم الذين تتعارض مصالحهم مع مصالح النماء والرخاء داخل الوطن. فأين هي حمية الدين والأخوة في هذا؟!! والنتيجة إن كان حالنا ما نحن عليه اليوم من مزجٍ وخلط بين ما تحمله قلوبنا لأرض الحرمين وما تحمله ظهور أبناء الوطن هناك!.. أعراف اليمن لا يعرفون أن أقصر الطرق إلى الهزيمة أن تطأ أقدامهم أرضاً ملغمة بالعمالة وأعراب السعودية لا يفقهون أن الخيول تموت إذا ماتت كرامتها!!
ألطاف الأهدل
السياسة لدى أعراب السعودية وأعراف اليمن 1509