ينتابني إحساس بالخذلان حين أفقد الوسيلة التي اعبر بها لأحدٍ ما عن استياء كبير حيال ما أراه وما أسمعه من سلوكيات خاطئة ومعيبة ولا ينبغي أن تصدر عن أفراد مجتمع عرف بكرم أفراده ونبل أخلاقهم منذ القدم. وما أحببت أن يكون رأس المقال معنوناً باتهام مفتوح لكنني أردت أن الفت نظر قارئي الكريم إلى حجم الأخطاء التي نرتكبها سواءً شعرنا بها أو لم نشعر.
إن إلقاء المخلفات على الأرصفة وأمام منازل الآخرين فيه الكثير من الظلم والتعدي, ظلم للنفس وللجيران وللعمال الذين تنحني ظهورهم للشمس وهم يحاولون تنظيف مدينة مزدحمة بأكثر البشر إهمالاً ولامبالاة!
فمن سيحمل مخلفاتك عنك قارئي الكريم؟! وهل وصل بك جنون العظمة وحب استعباد الآخرين إلى هذا الحد؟! مخلفاتك لا نعني بها فقط كوب الشاي البلاستيك الذي تلقيه من نافذة سيارتك أو تبقيه على سطح مكتبك, ولا نعني به فقط تلك الأكياس البلاستيكية وقناني المياه الفارغة التي تشوه وجه المدينة في كل زاوية.. مخلفاتك تشمل أعقاب سجائرك التي تلقيها في كل مكان, وتشمل أيضاً بصاقك من مضغة القات النتنة التي صعب عليك وضعها في كيس بلاستيكي لإخفاء ملامحها المقززة, في كروت الشحن التي لا يرى الكثير من الناس وفي أحواض الأشجار وأمام المحال التجارية..
هل من المروءة قارئي الكريم أن نجازي رجال ونساء النظافة بهذا القدر من العبودية وقد حملوا هم النظافة الذي لم نحمله نحن ولا أبناؤنا؟!..
إنه غياب الإنسانية التي من المفترض أن تكون القاسم المشترك بيننا وبين عمال النظافة الذين لولاهم لغرقت مدننا في أكوام النفايات ولتنشقنا المرض كما نتنشق الأكسجين من هواء مدينة توشك أن ينعدم فيها الهواء النقي.. فهل من الذوق أن تتخلص من نفايات منزلك ومكتبك وسيارتك وكأنك تعيش في عالم افتراضي داخل مساحة إلكترونية ضيقة يتلاشى كل شيء فيها بلمسة زرٍ واحدة؟!.. نفايات أجسامنا ومطابخنا ومنازلنا ليست قطعاً من البسكويت وهؤلاء العمال ليسوا رجالاً آليين.
ألطاف الأهدل
قلة ذوق...! 1337