في حلقة نقاش على القناة الفرنسية : " فرانس 24" تحت عنوان:
الإرهاب في اليمن !
تحدثت خبيرة في الشؤون الجيو/سياسية قائلة :
مشكلة الشعب اليمني هي في ضعف المواطَنة لديه , حيث أصبح انتماء الفرد لقبيلته وجماعته وحزبه في اليمن , أقوى وأولى عند الفرد من الانتماء للوطن !
وقرَّرت بأن اليمن يُعد الأول فقراً على المستوى العربي والثالث على مستوى العالم !
انطفأت الكهرباء قبل اكتمال الحلقة ..
بعدها سألت صديقة غارقة في الديون وعاطلة عن العمل وتبحث عن وظيفة منذ سنوات :هل كلام الخبيرة صادق ؟ هل تشعرين بضعف مواطنتك لليمن ؟!
قالت : أين هي هذه المواطنة ؟ وماذا تكون اليمن ؟ مستعدة أبيعها بحفنة مال!
كانت إجابتها صادمة لي لكني تريثت قبل أن أصدِّق ما تقوله فسألتها مجدداً :
لو عرضت عليك السفارة " ر" مليون دولار مقابل أن توصلي شحنة متفجرات لميليشيا " ح " هل تفعلين ؟
ردت باستنكار : لا , كررتُ سؤالي : لو عرضت عليك السفارة " س" ضعف المبلغ على أن توصلي الشحنة ذاتها لشراذم القاعدة في اليمن هل تقبلين ؟ ردت أيضاً باستنكار أعظم : أكيد لن أقبل , قلت وماذا لو طُلِب منك عملٌ من نوع آخر , مثل تفجير أنبوب غاز أو برج كهرباء , هل تفعلين؟
ردت أيضاً بالنفي , قلتُ لها : أنت يا صديقتي وطنية حتى النخاع , المشكلة هي أنك لا ترين ولا تلمسين ذاتك الوطنية بسبب رُكام المشاكل الخاصة التي تحيط بك !
ضحكت قائلة : ربما , لكني مستاءة للغاية من وضعي الشخصي حتى أن وجداني مغيَّب عن الشعور بالوجع الكبير للوطن الذي تتحدثين عنه !
في حلقة النقاش كان الطرف اليمني يركِّز على الدور الخارجي في خلق أزمات اليمن , وقد وُفِّق كثيرا في هذه الإشارات التي أرسل بها من خلال هذا اللقاء ؛ لكن هل سنظل نستجدي يقظة الضمير العالمي حتى تقع الكارثة على رؤوس الجميع ؟!
يجب على شعبنا اليمني المغيَّب في دوامات مفردات العيش المرهقة على أرض الواقع الشائك المعقد الذي يعيش فيه, أن يُفيق ويخرج من شرنقة السلبية والبلادة التي أصابت وطنيته بالجمود ؛ لأن ما سوف يحدث سيكون مدمراً على كافة المستويات !
ماذا ننتظر من العالم الذي يعيش بقيم المادة وإطلاق الحرية الفردية النهمة ليقدمه لنا ؟!
أُقيمت حلقة النقاش آنفة الذكر على صدى حادث " شارلي أبدو" والذي كررت فعلتها بعد أيام قلائل من تلك الحادثة المشبوهة ؛ فبلغت مبيعات المجلة المصرة على خدش قِيم الفضيلة متمثلة بشخص رسول الله " صلى الله عليه وسلم " الملايين !
وقف الناس هناك طوابير , لشراء المجلة !!
إنها مجتمعات بوهيمية , ومبشرات سقوط حضارتها الزائفة كثيرة , وسيكون المستقبل لأمم مستضعفة ثابتة على قيمها رغم الأعاصير والمحن كأمة اليمن الطيبة المؤمنة !
إن شعبنا البسيط الذي قِيل عنه بطريقة غير مباشرة في ثنايا اللقاء بأنه شعب بدائي متخلِّف همجي , لم يقم أحد منه ــ حتى الفُساق والخليعين والمتطرفين والإرهابيين ــ بردٍ مُشابه على الرسومات المسيئة للنبي محمد " صلى الله عليه وسلم " !
ألا يسأل المثقفون الغربيون والمستغربون أنفسهم لماذا لا نفعل ذلك ؟!
لأنَّنا أمة مؤمنة, ومازلنا نحتفظ بالكثير من القيم الإنسانية الراقية, ولو كنا نفترش الأرض حين نطعم , ونلبس الأسمال المتنافرة الألوان أحيانا, ونتعايش مع الغرباء بسلامة نيِّة وطِيبة قلب ..!
يجب على الجميع أن يروا ببصائرهم الغد المقبل كغيوم سوداء محملة بالدماء والخراب , وإدراك فداحة الخسائر المؤكدة إذا بقيت اليمن تتهاوى في درك الشقاق والتناحر والعمالة ..!
يمكننا نحن اليمانيين فعل الكثير لننقذ أنفسنا ممَّا تحيكه لنا أطراف داخلية لصيقة باليمن , وأطراف خارجية مبغضة لليمن !
لدينا من عوامل القوة ما يؤهلنا لذلك ..لدينا طاقة إيمان وطيبة وحب للسلام وذكاء فطري ومرونة ولحمة وتسامح ؛ تكفي لدحر كل شرور الكون عنا ..!
القضية لم تعد "وطنيون نحن أم لا"؟ بل أضحت قضية حياة أو موت !!
نبيلة الوليدي
وطنيون ولكن ..!! 1249