لم يعد الشارع اليمني يؤمن بأهمية وجدوى الحوار أو عقد الاتفاقات مع الانقلابيين الحوثيين وذلك لما صار معلوما لدى الجميع من خرق للاتفاقات ونقض للعهود والكذب والتدليس اللامحدود من قبل جماعة الحوثي المسلحة وذلك طيلة الفترة الماضية منذ حرب دماج وحتى اليوم، لكن مما يؤسف له أن الأحزاب اليمنية- ورغم الألم الذي آل إليه الوضع اليمني- مازالت تؤمل في قاتل أن يكون رحيما، وفي ظالم أن يكون عادلاً، وفي لص أن يكون نزيها، وفي كاذب أن يكون صادقا، وفي عميل أن يكون وطنيا، وفي مرتهن لغيره أن يكون حرا، وفي متهور أن يكون حكيما، وفي ناقض للعهود أن يكون وفيا..!! لم تتعلم تلك الأحزاب من أخطائها الماضية ولديها ما يكفيها من دروس بالغة وأحداث قاسية، مازالت تلك الأحزاب تستمرئ الخطأ دون اعتبارات غليان الشعب وعنفوان ثورته دون اعتبارات مصلحة الوطن العليا التي تقتضي أن تكون تلك الأحزاب صريحة وشفافة، أن تكون شجاعة دون مدارية للباطل، ودون وجل من عقوبات ستأتي من وراء البحار.
إن الوضع اليمني اليوم لا يحتاج لمزيد من الحذر الذي يوصل إلى مرحلة الخوف والإغراق في السلبية، والتماهي مع الخونة ويؤدي إلى القصور وانتهاج العبثية في التصرفات، بل يحتاج إلى مزيد من الشجاعة لصنع القرار الذي يتطلبه الوطن اليوم وهو يعيش أحلك ظروفه.
إن التاريخ لن يرحم كل من قصر بحق هذا الوطن ولن تغفر الأجيال القادمة للسياسيين هفواتهم المضرة بحق الوطن، صحيح أن بعض المواقف تنطلق من الحرص, لكنها في حسابات الواقع خاطئة وتجافي مصلحة الوطن. إن كل الاتفاقات التي أبرمت مع الحوثي كانت عبثية, فالحوثي لم يؤمن بالمبادرة الخليجية من أول يوم ووقع اتفاق السلم والشراكة ونقضها ووقع على وثيقة الحوار الوطني وانقلب عليها وهو مستعد أن يوقع أي شيء لكنه لا يفي بما وقع وكأن شعاره سأوقع ما أردتم لكنني سأفعل ما أريد.!
إن مطالب الوطن والجماهير اليوم تتلخص في إيقاف أي اتفاق أو أي حوار مع الحوثي ومطالبته أولا بتنفيذ الاتفاقات السابقة فوراً ومنها تسليم السلاح الذي نهبه للدولة والخروج من المؤسسات، وعدم التدخل بعمل الحكومة ورفع مليشياته والتحول للعمل السياسي.
إذا لم ترضخ الأحزاب لمطالب الشعب وتستجيب لنداءات التغيير فإنها حتما تسير في الطريق الخطأ وتحفر قبرها بيديها بل إنها تؤلب عليها هذا الشعب الذي يراها تحتمي بالاتفاقات المذلة. أعتقد أن المرحلة القادمة هي مرحلة التغيير لكن عبر المسار الثوري لا المسار السياسي الذي أثبت فشله منذ التوقيع على المبادرة الخليجية وحتى اليوم. على الثوار اليوم أن لا يلتفوا لتثبيطات الاتفاقات ولا لرضوخ الأحزاب السياسية وعليهم أن يواصلوا فعلهم الثوري حتى تتحقق كل أهداف التغيير وعليهم أن يستفيدوا من أخطائهم الماضية .
ومضة.
أنفنا الإقامةَ في أمةٍ
تداسُ بأقدام أربابها
وسرنا لنفلت من خزيها
كراماً ونخلصُ من عابها
وكم حية تنطوي حولنا
فننسلُ من بين أنيابها..!!
الشهيد الزبيري.
غالب السميعي
عبث الاتفاقات.!! 1173