عبر أبيات من الشعر نحتتها على جبهة الأدب أنامل شاعر عاصر الحب كحضارة لم يعد منها إلا بالوجع, عبر نافذة تطل على رصيف قريب, مقهى لا يرتاده إلا النخبة, عبر بيت من زجاج كل سكانه من الحجارة, عبر كلمات لا تشبه تلك التي تزفرها أفواه التائهين عن دروب المراوغة والمحاباة.. عبر لون الرفاعية الذي لا تميزه إلا أعين المترفين, عبر أحجار الطريق المرصوف إلى جحيم اللاعودة, عبر هتافات الجياع في مواكب القادة, عبر دهاليز السجون الممتدة إلى غرف التعذيب, عبر تصاريح الحمقى وخطب اللصوص وشعارات السياسيين المترفة بالحذاقة..
هكذا تنصب الفخاخ التي لا تطأها إلا أقدام المتعبين والمنهكين من رحلة التضحيات, فخاخ لا تنصبها إلا أيد تفننت في القتل والتشوية وبتر الحقائق وفقئ أعين الفضيلة. هكذا تنصب الفخاخ حول الأبرياء, أولئك الذين يزعزع صمتهم عروش الطغاة, فماذا إذاً لو تلكموا؟! ماذا لو صرخوا؟! ماذا لو نزعوا عن وجوههم هذا الوقار وأرسلوا قصص البغي عارية من كل تمويه؟! ماذا لو نطق هؤلاء الصامتون بما يحدث خلف جدران القصور وسرايا القادة وشاليهات الباحثين عن نكهة الفزع على طريقتهم الخاصة. ماذا لو حاول هؤلاء الغلابى والمهمشين أن يسقطوا عرش كل متكبر جبار؟! ماذا لو ثارت غرائزهم نحو الحرية كما تثور غرائز الكبار نحو السلطة وشهوة الحكم؟! ماذا لو تحركت فيهم رغبة العيش بكرامة كما تتحرك رغبات الكبار نحو العظمة والاستعلاء ماذا لو أرادوا العيش كبشر ومزقت أسنانهم حبال العبودية والتبعية والانقياد؟! ماذا لو حاولوا إتقان لعبة التفخيخ كما يفعل الكبار اليوم حين يفخخون عقول المنحرفين والمهيئين للجريمة بإشاعة الفساد في الأرض وكأنهم لا ينتمون إلى هذا الوطن أو كأنه لا ينتمي لهم؟!.. ماذا لو.. وماذا لو..
ألطاف الأهدل
هكذا تنصب الفخاخ؟! 1332