يدرك الأميركيون بأن الاقتتال الطائفي لن يكون بغير صناعة قوى متشنجة ومحاولة إبرازها للمشهد ودعمها السياسي لتتحرك وفق الهدف الأميركي الساعي لتمزيق المنطقة على أساس طائفي تشارك فيه إيران ومن صلب هذه الجماعات تدرك هذه القوى بأن كياناً سوف يظهر لمواجهة هذه الفئة المصنوعة والتي تسير على أوهام الخارج كما أن لها حجمها الصغير, كذلك في المجتمع اليمني وفي غير موضعها تسير الأمور وفق ما يُراد لها إقليمياً ودولياً بيد أن ثمة مشاريع خاصة لأطراف بعينها هي في الأساس مشاريع ما بين الانتقامية للبعض وما بين السعي في كسب مصالح خاصة بالنسبة للبعض الآخر وبين هذا وذاك تنكسر الإرادة الشعبية لتكون في مرمى النيران التي لا تستقيم بعدها أي عوامل للحياة التي ينشدها الكثيرون وسط هذا الركام الهائل من الغوغاء الذين لا يبحثون سوى عن مصالحهم وعن مصالح الخارج الذي يمولهم وبه أصبحوا قوةً عظمى تهدد وتستبيح وتفعل ما تشاء وقت ما تشاء لاسيما تلك التي تمكنت من إعلان بيان دستوري من قلب العاصمة اليمنية صنعاء بالاستناد للقوى الخارجية التي تتأدلج معها بموروثها التاريخي وسياقاتها السياسية المحدودة..
تكمن العلاقات السياسية بين مكونات الشراكة الأساسية بالاستناد للسلم أولاً من أجل الشراكة الحقيقية بينما يمارس الحوثيون خيار القوة لفرض الشراكة والاستحواذ على القرار السياسي في الوقت الذي تسير فيه اليمن نحو آفاق المواجهة المباشرة التي ستؤثر سلباً في المستقبل على أمنه واستقراره بل وتعرض مجرى التجارة العالمية للخطر وكذلك المحيط الخليجي في حال تفاقم المواجهة التي يشعل نيرانها الحوثيون.
الفراغ السياسي الذي يملؤه الحوثيون ببيانهم الدستوري الناتج عن فرض الأمر الواقع بقوة السلاح لن يفرز سوى حالة الاحتقان التي تسير عليها سوريا اليوم وكذلك لبنان التي عجز برلمانها عن انتخاب رئيس لأكثر من مائة مرة ونفس تلك الإفرازات يدفع الحوثيون باليمن نحو تلك الأمثال بفعل هوة الخلاف
تجدر بالأحزاب السياسية أن تكون على الحس العالي من الوعي والإدراك بمدى تحرك الحوثيين لفرض سيناريوهات سوريا ولبنان والزج باليمن واليمنيين نحو الاقتتال والتقسيم لاسيما وأن الأحداث تزداد اتساعاً في ظل تمترس العشرات من الحوثيين خلف مراهقتهم الطائفية المدعومة إيرانيا وكل ذلك تحت يافطات زائفة يدغدغون بها المشاعر ولا يخفى على اليمنيون الجرعة التي استغلها الحوثيون لفرض أجنداتهم الإيرانية بتواطؤ رسمي من قبل أذرع نظام علي صالح العميق..
يحاول الحوثيون الإتيان بالمهمشين وكذلك التجار وغير ذلك في مؤتمراتهم الشكلية وهي من الرسائل التي يريدون إيصالها وكأن لديهم برنامج اقتصادي واسع تستفيد منه اليمن وكذلك التلاحم الشعبي مع السادة والمهمشين وخلاف ذلك يظهر جلياً في العنف السائد تجاه الخصوم السياسيين الذين آثروا السلم على الحرب وقدموا المصلحة الحزبية والشخصية على الوطن ومستقبله السياسي واغمدوا سيوفهم لكي لا تذبح بها اليمن ومستقبل أجيالها في ظل الجنون الحوثي الساعي للسيطرة على السلطة والاستئثار بالثروة.
يعمل الحوثيون لفرض الشراكة وبيانهم الدستوري بتنسيق واسع مع خلاياهم المتعدد وخبراتهم الآتية من ضواحي جنوب لبنان وكذلك طهران ولازال في إعلامه يطالب بالشراكة بينما خصومه الذين أصبحوا خارج اللعبة الذين يفترض بهم أن يطالبوا بالشراكة مع الحوثي الذي ينشر مسلحيه على كافة مصالح الدخل التي تغذي اليمن وبالتالي التحكم بها على النحو الذي تستفيد منه أطراف بعينها ولمصالحها خصوصاً مع حالة الاستقراء بقوة السلاح..
اليمن اليوم تدخل منعطفاً متأزماً جديداً بينما لا تدرك قوى الجوار بأن هوة الحوثيين تزداد اتساعاً وان اليمن يدخل أبواباّ متفرقات من الصراع الدامي مستقبلاً في ظل تمترس الحوثيين خلف البندقية التي تدعمها الأمم المتحدة ومجلس الأمن للقضاء على ما يسمونها القاعدة ولا يدركون أن اليمن تسير نحو الاحتراب خطوة خطوة ولن يستشعر الإقليم والمجتمع الدولي إلا حينما يجد نفسه أمام وحوش مفترسه يصعب التعامل معها كما هو الحال اليوم في ليبيا.. والسلام
عمر أحمد عبدالله
الحوثيون والمشروع الأميركي للاقتتال الطائفي 1312