كانت مصر قد أعلنت عن تجهيز خطة عسكرية للتدخل في باب المندب في حال استيلاء الحوثيين عليه.
في الوقت الذي حشدت السعودية رسميا وإعلاميا، لاستقبال قرار مجلس التعاون الخليجي بالتدخل العسكري لقوات درع الجزيرة في باب المندب.. لأن استيلاء الحوثيين على هذا الممر العالمي الهام، يعد بلغة الصراع، انتصاراً جيوسياسياً لإيران. في مقابل تهديد لقناة السويس وميناء العقبة، والأمن الخليجي.
لهذا استمرت المناورات العسكرية بين مصر والسعودية في البحر الأحمر، وكانت الخطة المعلنة هي التدخل بعشرة آلاف جندي سريع الحركة مدعومين بزوارق وفرقاطات بحرية، مع غطاء جوي مصري- أردني.
وحتى لا يعد ذلك تدخلاً في الشأن اليمني، خاصة أن إيران ليست موجودة على خط المواجهة المباشر، فقد دعت السعودية مجلس الأمن لإصدار قرار بالتدخل العسكري في اليمن، تحت البند السابع، وهو ما يوفر لها الغطاء الدولي والتشريعي للدخول في أي معركة محتملة في باب المندب.
كل هذا كان قبل نشر فيديو إعدام المصريين في ليبيا، فخلال ساعات حولت مصر معركتها غربا، وبعدها خذلت عالميا وخليجيا، ووجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع “داعش” بعد رفض التحالف الدولي توسيع نشاطه إلى ليبيا.
هنا أخرجت مصر بشكل ما من أي مواجهة محتملة في باب المندب، في حال تم الإعلان عن استيلاء الحوثيين عليه. وتم إشغال مصر بمعركة ليبيا، وفتحت للأردن جبهة داخلية، عبر شريط آخر لداعش عن حرق الطيار الأردني.
في هذا التوقيت، كانت وكالات الأنباء العالمية، تؤكد وصول دفعة أسلحة جوية وصواريخ وطائرات سوخاي روسية إلى ميناء الحديدة اليمني، نقلها الحوثيون فورا غالى صعدة.
روسيا الرسمية نفت ذلك، فليس من مصلحتها الإعلان عن الدخول، في حلبة الصراع العسكري في باب المندب.
إيران كانت قد هددت مراراً بإغلاق مضيق هرمز، ولكن عدم وقوع باب المندب تحت سيطرتها لم يكن ليجعل لهذا التهديد أي أهمية، الآن تغيرت قواعد اللعبة.
وبرغم التواجد الأمريكي في هذه المنطقة، إلا أن الجزيرة العسكرية الأمريكية، كانت تعمل على تأمين مرور البارجات العسكرية والتجارية الأمريكية، ولا تعلن عن نفسها كمسيطر على المنطقة وطوال الوقت تحاول حماية نفسها من هجمات القاعدة والقراصنة. فلقد نأت بنفسها تماماً عن الصراع الإيراني – السعودي في باب المندب.
وكان يكفيها أن تؤمن أسطولها في الخليج من خلال حراسة باب المندب.
في هذا الوقت كانت مصر متكئة على تحالفها مع الولايات المتحدة، ولا تشعر بأي قلق قادم من باب المندب، يمكنه أن يغلق قناة السويس، أو يسيطر على حدودها المائية.
لكن سبتمبر 2014 سجل تغييرا في الخارطة العسكرية مع وقوع صنعاء العاصمة بيد جماعة محلية مسلحة تابعة لإيران، وهو أمر لا يعد تهديدا للجوار الخليجي فقط، بل يستنفر الأمن القومي المصري والأردني.
وهذا زاد من تشابك المصالح بين مصر والسعودية في هذه المرحلة، في انتظار معركة محتملة في باب المندب.
ويظهر أن أطراف الصراع كافة، لا تقترب من المصالح الأمريكية في هذه المنطقة، وترسل تطمينات تبقي القوات العسكرية الأمريكية في حالة الحياد.
الحقائق المتراكمة في الملف الأمني العربي، تمهد لمفاجآت قد تقلب من ميزان القوى وقواعد الاشتباك فتبدو أن المعركة الحقيقية ليست في سوريا أو العراق، بل في باب المندب، وهي تدار بحذر وذكاء وترقب، وبعيدا عن الإعلام، ويتم إخراج الإطراف المؤثرة فيها بطريقة مؤلمة.
وطالما يتم إثارة الغبار أمامك، فإن ثمة معركة حقيقية تدار في الخفاء.
رأي اليوم
منى صفوان
ماذا يحدث في باب المندب؟ 1257